قوله:
وقول الله تعالى: أي: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ﴾ أولئك الذين
يدعوهم أهل الشرك، ممن لا يملك كشف الضُّر ولا تحويله، من الملائكة والأنبياء
والصالحين؛ كالمسيح وأمه، والعُزَيْر - فهؤلاء دينهم التوحيد، وهو بخلاف مَن دعاهم
مِن دون الله.
ووَصَفهم
بقوله: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ
أَقۡرَبُ﴾ فيطلبون القرب من الله بالإخلاص له، وطاعته فيما
أَمَر، وتَرْك ما نهاهم عنه.
وأعظم
القربات: التوحيد الذي بَعَث الله به أنبياءه ورسله، وأوجب عليهم العمل به والدعوة
إليه. وهذا الذي يقربهم إلى الله، أي: إلى عفوه ورضاه.
ووَصَف
ذلك بقوله: ﴿وَيَرۡجُونَ
رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ﴾، فلا يرجون أحدًا سواه، ولا
يخافون غيره. وذلك هو توحيده؛ لأن ذلك يمنعهم من الشرك، ويوجب لهم الطمع في رحمة
الله والهرب من عقابه.
والداعي
له - والحالة هذه - قد عَكَس الأمر، وطَلَب منهم ما كانوا يُنكرونه من الشرك بالله
في دعائهم لمن كانوا يَدْعُونه من دون الله.
ففيه
معنى قوله: ﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ﴾ [فاطر: 14]، وقوله: ﴿وَإِذَا
حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ
كَٰفِرِينَ﴾ [الأحقاف: 6].