فلا يُقَرِّب إلى الله
إلاَّ عبادته سبحانه وتعالى؛ سُميت وسيلة لأنها تقرب إلى الله؛ ولهذا قال عز وجل: ﴿أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ﴾ يعني: يطلبون القرب
من الله سبحانه وتعالى.
قوله: ﴿وَيَرۡجُونَ
رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ﴾ صاروا مشتركين، فدل على
أنهم عباد مثلهم، محتاجون إلى الله عز وجل، فلا يصلحون للعبادة.
وهذه الآية عند الجمهور نزلت في قوم كانوا يعبدون الملائكة، والمسيح ابن
مريم، وعُزَيْرًا، فالله أخبر أن الملائكة والمسيح، وعُزَيْرًا كلهم عباد من عباد
الله ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ
وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ﴾ وما داموا كذلك
فإنهم لا يصلحون للعبادة.
وقيل: نزلت في أناس كانوا يعبدون نفرًا من الجن، فأسلم الجن، وتمسك هؤلاء
بدينهم ([1])، فأخبر الله عنهم
أنهم أصبحوا مسلمين، وأنهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب، ويرجون رحمته،
ويخافون عذابه. فتبين بهذا أن عبادتهم لا تصلح؛ لأنهم أنفسهم عباد مثلهم محتاجون
إلى الله سبحانه وتعالى.
ففي هذا إبطال عبادة الملائكة، وعبادة الأنبياء والصالحين، وأن الشرك ليس خاصًّا بعبادة الأصنام -كما يقوله: الجهال أو المعاندون- بل هو عام في كل ما عُبِد من دون الله؛ من شجر، أو حجر، أو جن، أو إنس، أو ملائكة، أو رسل، أو أنبياء، أو أولياء... أو غير ذلك.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4714)، ومسلم رقم (3030).