×

ففي هذا خطر الفِرق الضالة، وخطر مصاحبتها والقرب منها؛ ولهذا كان السلف يُحَذِّرون من مصاحبة المبتدعة ومن مجالستهم؛ لأنهم يُؤثِّرون على من يصاحبهم، وقد قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ [آل عمران: 118].

فهؤلاء لما صاحبوا هذا الخليفة استمالوه معهم، فصار ضد أهل السنة، ووقف الإمام أحمد في وجهه، وأَبَى أن يقول بخلق القرآن، حتى ضُرِب وسُجِن وعُذِّب.

ولكنه رحمه الله صبر وصابر، وتعاقب عليه ثلاثة خلفاء، كلهم ضده: المأمون، والمعتصم، والواثق. ولكنه وقف بحزم وثبات، ولم يخضع لهم، وصَبَر على الضرب والحبس والإهانة حتى نصره الله عز وجل، وجاء المتوكل ورفع عنه المحنة وناصره، وصارت العاقبة للمتقين والحمد لله، وأخزى الله المعتزلة ومَن تابعهم.

فهذا الإمام يجب أن نعرف موقفه من أجل أن نقتدي به، وأن نعرف أيضًا موقفنا من الفِرق الضالة والفِرق المخالفة لأهل السُّنة والجماعة حتى لا نتساهل معها، ولا نقول كما يقول بعض السُّذج: علينا أن نجمع الناس ولا نفرقهم!!

بل يجب أن نفرق بين أهل الحق وأهل الباطل! ونحن دائمًا مع أهل الحق وإن قلوا، ولسنا مع أهل الباطل وإن كثروا. هذا هو الموقف الصحيح. فالإمام أحمد وقف وحده في وجه أمة، ونصره الله عليهم.

ولابد أن الإنسان يناله أذى في مقابل موقفه وصبره وثباته، لكن ما دام على الحق لا يهمه ذلك، وهذا في موازين حسناته عند الله سبحانه وتعالى.


الشرح