×

لكن لغلبة الجهل به وقع منهم أعظم مما وقع من مشركي العرب وغيرهم في الجاهلية، مما قد تقدم التنبيه عليه.

حتى إن كثيرًا من العلماء في هذه القرون اشتد نكيرهم على من أنكر الشرك الأكبر، فصاروا هم والصحابة رضي الله عنهم في طرفي نقيض! فالصحابة ينكرون القليل من الشرك. وهؤلاء ينكرون على من أنكر الشرك الأكبر، ويجعلون النهي عن هذا الشرك الأكبر بدعة وضلالة!

وكذلك كانت حال الأمم مع الأنبياء والرسل جميعهم فيما بُعِثوا به من توحيد الله عز وجل، وإخلاص العبادة له وحده، والنهي عن الشرك به.

وقد َبعَث الله عز وجل خاتم رسله محمدًا صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كما بَعَث مَن قبله.

فعَكَس هؤلاء المتأخِّرون ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب وغيرهم! فنَصَر هؤلاء ما نهى عنه من الشرك غاية النصرة، وأنكروا التوحيد الذي بُعِث به غاية الإنكار! فإنه صلى الله عليه وسلم لما قال لقريش: «قُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، تُفْلِحُوا» ([1])، عَرَفوا معناها الذي وُضِعت له وأريد منها، فقالوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ [ص: 5]، وقال عز وجل: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦ [الصافات: 35- 36].


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (16023)، وابن خزيمة رقم (159)، وابن حبان رقم (6562)، والحاكم رقم (39).