وفي صحيح البخاري وغيره في
سؤال هرقل لأبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: «مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟
قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا،
وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ
وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ» ([1]).
**********
هذا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، صحابي جليل، صاحب سرِّ رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
قال: «أنه رأى رجلاً في يده خيط من
الحُمَّى» يعني: اتخذه من أجل أن يقيه من الحمى. و«الحمَّى»: ارتفاع الحرارة في الجسم. فالرجل ربط الخيط من أجل أن يتقي
الحمى. فحذيفة بن اليمان رضي الله عنه قَطَع هذا الخيط من هذا الرجل.
فهذا فيه إنكار المنكر باليد لمن يَقْدِر على ذلك. أما مَن لا يَقْدِر على
إنكار المنكر باليد فإنه ينكره باللسان؛ بأن يبين وينصح ويُحَذِّر ويعظ الناس
ويُذكِّرهم. فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه ([2])؛ بأن يكره وينافر
ويبتعد عن أهل الشر، ويُبغض عملهم ويُبغضهم، ولا يجتمع معهم إلاَّ مناصحًا
ومحذرًا.
قوله: «فقَطَعه، وتلا قوله: ﴿وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ﴾ » قيل: معناه أنهم لا يؤمنون بالربوبية إلاَّ وهم مشركون في الألوهية؛ لأن المشركين كلهم يُقِرون بالربوبية، ولكنهم يشركون في الألوهية، إما الشرك الأكبر وإما الشرك الأصغر.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7)، ومسلم رقم (1773).