ورَبْط الخيط حَسَب ما فَصَّلنا: من أنه إذا كان يرى أن النفع والضرر بيد
الله، وإنما الخيط سبب؛ فهذا شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعل ربط الخيط سببًا من
الأسباب الواقية. أما إذا كان يعتمد على هذا الخيط من دون الله في دفع الضرر؛ فهذا
شرك أكبر.
قوله: «فيه دليل على أن هذا شرك، وأن
الصحابة رضي الله عنهم يستدلون بالآيات التي نزلت في الشرك الأكبر على الشرك
الأصغر»؛ لأن حذيفة رضي الله عنه استدل بالآية الكريمة: ﴿وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم
بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ﴾ فجعل ربط الخيط من الشرك.
وقد أشكلت هذه الآية على بعض العلماء، فقالوا: كيف يجتمع الإيمان والشرك؟!
وأذكر ممن أشكلت عليه شيخنا الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تفسيره.
والآية لا إشكال فيها في الحقيقة؛ لأنها نازلة في عُبَّاد الأصنام الذين
يعبدون الله ويعبدون معه غيره، فهم يؤمنون بتوحيد الربوبية ويشركون بتوحيد
الألوهية، فعندهم إيمان بتوحيد الربوبية، لكن عندهم شرك في توحيد الألوهية. وعلى
هذا جميع المشركين من العرب، عندهم إيمان بالله لكنه مخلوط بالشرك، إيمان بتوحيد
الربوبية وشرك في توحيد الألوهية. فالآية ليس فيها إشكال والحمد لله.
ودلت هذه الآية على ما دل عليه الحديث السابق: «مَن تعَلَّق تَمِيمَةً فقد أشْرك»، والصحابة قد يستدلون بالآية
النازلة في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر؛ لأنه كله شرك.