فالمسلم يخاف على نفسه، ويدعو الله عز وجل بالعافية من هذه الأمور، ولا
يزكِّي نفسه، ولا يأمن على نفسه.
قوله: «فإذا كان يقع مثل هذا في تلك
القرون المفضلة، فكيف يُؤْمَن أن يقع ما هو أعظم منه؟ لكن لغلبة الجهل به وقع منهم
أعظم مما وقع من مشركي العرب وغيرهم في الجاهلية»، لما أهملوا تَعَلُّم
التوحيد وتَعَلُّم الشرك، ومعرفة المراد من التوحيد والمراد من الشرك، والتفتوا
إلى تعلم علم الكلام وقواعد المنطق، وبنَوا عقائدهم على ذلك، وانشغلوا بإثبات وجود
الله، وهذا هو الذي يدندنون حوله، يقولون: وجود الله يحتاج إلى أدلة لإثباته! وكل
عقائدهم مبنية على هذا، وهذا شيء تحصيل حاصل؛ لأنه مركوز في الفِطَر والعقول،
وشواهد الكون والمخلوقات كلها تدل على الخالق سبحانه وتعالى.
فهم لم يعيروا اهتمامًا بتوحيد الألوهية أبدًا، ولا يأتي لهم على ذِكر ولا
على بال.
وهذا هو الجهل العظيم ممن يظنون أنهم علماء، وهم يجهلون توحيد الألوهية
الذي بُعِثت به الرسل ونزلت به الكتب! فإذا كان العلماء يجهلون فكيف بغيرهم ممن هو
دونهم؟!
فلابد من نشر التوحيد وتعليمه، وتعلمه، والدعوة إليه، دائمًا وأبدًا.
والعجيب أن دعاة التوحيد ساكتون وخاملون. ودعاة الشرك والبدع جادون الليل
والنهار، ويهبون الأموال، ولا ييأسون ولا يتعبون.