قلت: ويُشْبِه هذا ما
يفعله كثير، مِن فتل أطراف الشارب، فيترك أطرافه لذلك وهي بعضه. وفي حديث زيد بن
أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ
فَلَيْسَ مِنَّا» ([1]). رواه أحمد
والنَّسَائي، والترمذي وقال: صحيح. وفي الصحيح: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ
أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى» ([2]). وذلك يدل على
الوجوب، وذَكَر ابن حزم الإجماع على أنه فرض فيتعين النهي عنه لذلك.
قوله:
«أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا»: فيه - مع ما تقدم - أنه شرك؛ لِما كانوا يقصدونه
بتعليقه على الدواب وغيرها.
قوله:
«أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ، أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله
عليه وسلم مِنْهُ بَرِيءٌ»: هذا دليل على أن هذا والذي قبله من الكبائر؛ لأن قوله:
«فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بَرِيءٌ» يدل على ذلك. وقال النووي
رحمه الله: أي: بريء مِن فعله ([3]). فهذا التأويل
بعيد؛ لعَوْد الضمير إلى «مَن».
وقد
ورد النهي عن الاستنجاء بالرَّوْث والعظام في أحاديث صحيحة كما لا يخفى.
منها: ما رواه مسلم في صحيحه، عن ابن مسعود مرفوعًا: «فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمُ مِنَ الْجِنِّ» ([4]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2761)، والنَّسائي في «الكبرى» رقم (14)، وأحمد رقم (19263)، والطبراني في «الكبير» رقم (5033).