قال: «أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا»
يعني: جَعَل الوتر قلادة عليه، أو على دابته، أو على ولده؛ مِن أجل أن يتقي به
العين والضرر، كما كانت الجاهلية تفعل. وهذا هو محل الشاهد من الحديث.
قوله: «فهذا التأويل بعيد» يعني
تفسير النووي: «أي: بريء مِن فعله»،
والظاهر هو التفسير الأول، أن الرسول صلى الله عليه وسلم تبرأ من الشخص نفسه، وليس
القصد التبرؤ من فعله؛ لأن الضمير في قوله: «مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ اسْتَنْجَى» عائد إلى «مَن»، ولم يَعُد إلى الفعل.
قوله: «وقد ورد النهي عن الاستنجاء
بالرَّوْث والعظام في أحاديث صحيحة» وهذا مذكور في باب آداب قضاء الحاجة من
كتب الحديث ومن كتب الفقه، أنه لا يجوز الاستجمار بهاتين المادتين: الرَّوْث لأنه
زاد لدوابهم. والعظام لأنها زاد للمسلمين من الجن، يجعل الله عليها اللحم
فيأكلونه.
والاستنجاء: هو إزالة الخارج من السبيلين.
والواجب على المسلم إذا قضى حاجته أن ينقي المخرج، إما بماء، أو باستجمار
بالحجارة، والجمع بينهما أفضل.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الدارقطني: «إنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ» علة أخرى
في النهي عن الاستجمار بالروث أو العظم.
فبالإضافة إلى أنهما زاد إخواننا المسلمين من الجن، فهما أيضًا لا
يُطهِّران، أي: لا يُنقيان المَخْرَج؛ فمَن استجمر بهما فإن النجاسة باقية عليه.
بخلاف مَن استجمر بالحجر أو ما يقوم مقامه فإنه يزيل النجاسة.