قال: «أَنْ: «لاَ يَبْقَيَنَّ فِي
رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلاَدَةٌ إلاَّ قُطِعَتْ»»،
لما كان من عادة الجاهلية أنهم يقلِّدون الإبل بالقلائد لدفع العين عنها، فإن
الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهَى عن هذه العادة الجاهلية المنافية
للتوحيد؛ لأن المسلم يجب عليه أن يتوكل على الله، وأن يعلق قلبه بالله، وأن لا
يستعمل من الأدوية إلاَّ ما أباحه الشرع. فلا مانع من استعمال الأدوية واتخاذ
الوقاية لكن في حدود ما أباحه الشرع.
قوله: «لاَ يَبْقَيَنَّ»: «لاَ» هذه ناهية، و«يَبْقَيَنَّ»: فعل مجزوم بـ «لا»
الناهية، وأصل الفعل «لا يَبقَى»
بالألف المقصورة. ومن المعلوم أن الفعل يُجزم بحذف حرف العلة، لكن مَنَع من ذلك
اتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وهذه النون يؤتى بها لتأكيد النهي؛ ولذلك سُميت: «نون التوكيد»، فاجتمع عندنا مُؤكِّدان: «لا» الناهية، ونون التوكيد الثقيلة.
قوله: «قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ»، «القلادة»: ما يحيط بالعنق، سواء كان من
الحيوان أو من الإنسان. و«الوَتَر»:
هو ما يُجعل في القوس لأجل الرمي؛ لأن الآلة التي كانوا يرمون بها ذاك الوقت هي
القوس، والقوس عبارة عن عصًا لينة، ويشد بها سَيْر من طرفيها، فإذا أرادوا رمي
النبل وضعوا مؤخرته في وسط الوتر، ثم يشد الوتر والنبل معًا، ثم يترك لينطلق النبل
ويصيب الهدف.