ابن الخطاب؟ والنبي صلى
الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «لاَ
تُجِيبُوهُ»، فلما قال: «لَنَا
العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟».
فهذا فيه دليل على وجوب رد الباطل وعدم السكوت عنه، فلا يجوز السكوت على
مَن يمدح القبور والأضرحة ويُهوِّن من شأن التوحيد؛ لأن هذا يُلَبِّس على الناس
دينهم.
والشاهد من هذا: أن «العُزى»
كانت لأهل مكة.
فلما فَتَح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، أرسل إليها خالد بن الوليد
فهدمها وقَطَع الأشجار، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له:
«هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟»، قَالَ:
لاَ، قَالَ: «ارْجِعْ فَإِنَّكَ
لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا» فَرَجَعَ خَالِدٌ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ
السَّدَنَةُ - وَهُمْ حُجَّابُهَا - أَمْعَنُوا فِي الْجَبَلِ وَهُمْ يَقُولُونَ:
يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ، وَإِلاَّ فَمُوتِي بِرَغْمٍ، قَالَ:
فَأَتَاهَا خَالِدٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا تَحْثُوا التُّرَابَ
عَلَى رَأْسِهَا، فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: «تِلْكَ الْعُزَّى» ([1]).
والواقع أن المشركين ليست عبادتهم لهذه الأصنام، وإنما عبادتهم للشياطين، فالشياطين هي التي تُغريهم، وتدعوهم إلى عبادتها، وهي التي تكلمهم أحيانًا، ويظنون أن الصنم هو الذي يتكلم أو أن الميت هو الذي يتكلم.
([1]) أخرجه: النَّسائي في «الكبرى» رقم (11483)، وأبو يعلى رقم (902)، والضياء في «المختارة» رقم (258).