×

فالغلو في الصالحين قديم، ولا يزال مستمرًّا، وهو سُنة جاهلية من قديم الزمان؛ من عهد قوم نوح، ولا تزال.

فعلى التفسير الأول هو تبرك بالأحجار. وعلى التفسير الثاني هو تبرك بالقبور.

وكلا التفسيرين حق؛ فالآية تدل على منع التبرك بالأحجار، ومنع التبرك بالقبور. وما زال هذا الصنم يُعْبَد من دون الله، إلى أن فَتَح النبي صلى الله عليه وسلم مكة في السنة الثامنة من الهجرة، فأرسل المغيرة بن شُعْبة وأبا سفيان بن حرب إلى اللات فهدماها في الطائف.

و «العُزَّى»: كانت صنمًا لأهل مكة، عبارة عن شجرات ثلاث بوادي نخلة. ولا يزال بهذا الاسم إلى الآن بين مكة والطائف، على طريق السيل، سُمِّر عليها صُور، وعندها بُنْية عليها أستار.

وكانت قريش وأهل مكة يتبركون بها ويعبدونها من دون الله عز وجل.

ولهذا قال أبو سفيان يوم أُحُد بعد أن انتهت المعركة: «لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ»، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟»، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» ([1]). هذا هو الرد الشافي.

وفي هذا دليل على وجوب الرد على المشركين وعلى الأقوال الباطلة، وأنه لا يُسكت عنها، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم في الأول ساكتًا لما قال أبو سفيان: أفي القوم محمد؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3039).