وكانت هَوازن قد تحصنت في الجبال وفي جنبات الوادي.
فدخل المسلمون، ولما دخلوا في الوادي انقض عليهم المشركون من الجبال، فحصل
في المسلمين نكبة وفَرَّ مَن فر منهم، ثم ناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتجمعوا عليه، وشدوا على المشركين فنصرهم الله عز وجل، وغَنِم المسلمون أموالهم،
وسَبَوا ذراريهم ونساءهم.
قال عز وجل: ﴿لَقَدۡ نَصَرَكُمُ
ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ
فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ
وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ ٢٥ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ
وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٢٦﴾ [التوبة: 25- 26].
فنَصَر الله المسلمين في النهاية، وإن كان حصل عليهم شدة في أول القتال،
لكن النهاية صارت لهم.
ثم إن هَوازن أسلموا، وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يَرُد عليهم
أموالهم ونساءهم. والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد وزَّع المغانم، فطلب من
الصحابة رضي الله عنهم مَن طابت نفسه أن يردها، فطابت أنفسهم كلهم رضي الله عنهم،
ورَدُّوا ما عندهم على هَوزان.
هذه غزوة حُنَيْن في هذا الوادي، وهذه نتيجتها، النصر للإسلام والمسلمين،
والذلة للكفار. وفي النهاية تاب الله على من تاب منهم ﴿ثُمَّ
يَتُوبُ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ
رَّحِيمٞ﴾ [التوبة: 27].
قوله: «وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ
بِكُفْرٍ» يعني: أن إسلامهم كان جديدًا متأخرًا. وهو يريد بذلك بيان العذر مما
وقع منهم، أنهم كانوا جهالاً، لم يتفقهوا كما كان الصحابة الذين مع الرسول صلى
الله عليه وسلم فقهاء، عَرَفوا العقيدة