فهذا فيه دليل على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسُّنة في أمور العبادة، وأن
الإنسان لا يعمل باستحساناته أو استحسانات غيره، دون أن يرجع إلى الكتاب والسنة.
وهذا يدل على أن العبادات توقيفية.
وهذه فائدة عظيمة جدًّا في هذا الحديث، أننا لا نعتمد على استحساناتنا،
ونقول: نيتنا طيبة ولنا قصد طيب. ونفعل أشياء دون أن نرجع إلى الدين وإلى الشرع
وإلى العلماء؛ لأن هذا هو عين الهلاك.
إذا صار الناس يفعلون ما يريدون، ولا يرجعون إلى أهل العلم، فهذه مصيبة! أو
يصفون أهل العلم بأنهم لا يفهمون، وأنهم يعوقون التقدم ويعوقون الحضارة، فيُهونون
من شأن العلماء وآرائهم! هنا تحصل المصيبة بالأمة؛ لأن أمور الدين لا يصلح فيها
إلاَّ الرجوع إلى الشرع، وإلى العلماء حَمَلة الشريعة. هذا هو الواجب.
وهذا الحديث يدل أيضًا على خطورة التشبه بالكفار، فالتشبه بهم لا يقتصر على التشبه بالعادات وإنما يترقى إلى التشبه بهم في الشرك؛ كما حصل من البناء على القبور، فالبناء على القبور حصل في الإسلام بعد القرون المفضلة تشبهًا باليهود والنصارى؛ لأن اليهود والنصارى يبنون على قبور أنبيائهم وصالحيهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1])، وقال: «أولَئِكَ إذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([2]).