×

والآن عَبَدة القبور يقولون: هذا ليس بشرك، هذا توسل، وهذا محبة للأولياء والصالحين.

نقول لهم: إن أولياء الله الصالحين لا يَرضَون بهذا العمل، ولا يَرضَون أن تُجعَل قبورهم أوثانًا تُعْبَد من دون الله. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدْ، لَعَنَ اللهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1])، فدل على أن تعظيم القبور والتبرك بها يجعلها أوثانًا تُعْبَد من دون الله.

ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» أي: اليهود والنصارى؛ كما في الحديث الصحيح الذي ساقه المصنف: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» ([2]).

فهذا خبر من النبي صلى الله عليه وسلم معناه النهي والتحذير.

وقد وقع كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، حيث عَظَّم التشبه بالكفار حتى في العبادات والعقائد!!

فبُنيت المَشاهد على القبور والأضرحة، ووُضِعت عليها الأستار، وصُرِفت لها النذور والذبائح والاستغاثة، وصارت تضاهي المشاعر المقدسة والبيت الحرام!! ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.

بل زاد شرك هؤلاء المتأخرين عن شرك الأولين:

لأن الأولين كانوا يشركون في الرخاء، ويُخْلِصون لله في الشدة.


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (414)، وأحمد رقم (7352).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3456)، ومسلم رقم (2669).