فالحاصل: أن هذا الباب باب عظيم، ويُفسِّر معنى «لا إله إلاَّ الله»، وأن معناها: ألاَّ يُعْبَد ولا يُتبرك إلاَّ
بالله سبحانه وتعالى، ولا يُرجَى لجلب الخير ودفع الضر إلاَّ الله.
فمَن عَدَل عن ذلك فقد اتخذ آلهة غير الله، ولو لم يسمها آلهة، ولو سماها
وسائل أو وسائط أو شفعاء... أو غير ذلك؛ لأن العبرة في المعاني لا في الألفاظ،
فاختلاف الألفاظ لا يؤثر!! وإن سَمَّوه توسلاً، أو سَمَّوه إظهارًا لشرف الصالحين
أو وفاءً بحقهم علينا - كما يقولون - وهذا هو الشرك سواء بسواء.
فالذي يتبرك بالحجر أو بالشجر أو بالقبر فقد اتخذه إلهًا، وإن كان يزعم أنه
ليس بإله. فالأسماء لا تغير الحقائق.
وفيه - أيضًا - مسألة مهمة: وهي أن حُسْن المقاصد لا يغير من الحكم الشرعي
شيئًا؛ لأن هؤلاء لهم مَقْصِد حسن، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتبر
مقاصدهم، بل أنكر هذا؛ لأن الوسائل التي تُفضي إلى المحاذير ممنوعة، فقد جعل النبي
صلى الله عليه وسلم مقالتهم مثل مقالة بني إسرائيل. فدل على أن المقاصد الحسنة لا
تبرر الغايات السيئة والمنكرة.
وفيه - أيضًا - التحذير من التشبه بالمشركين والكفار في أفعالهم وعاداتهم
الخاصة وتقاليدهم وطقوسهم، أما الأمور المباحة فلا بأس بالأخذ بها، فنأخذ منهم
الخبرات المفيدة، ونشتري منهم البضائع والأسلحة؛ لأن هذه الأمور كانت في الأصل
لنا، ويقول الله عز وجل: ﴿قُلۡ مَنۡ
حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ
قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ