×

قلت: ولا منافاة بين ما ذكره البخاري وغيره من عبادتهم الصخرة التي كان يُلت السَّويق عليها باسمه، وعبادة قبره لما مات.

وأما «العُزَّى» فقال ابن جرير: كانت صخرة عليها بناء وأستار بنخلة بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها ([1])؛ كما قال أبو سفيان يوم أُحُد «لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ!». فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟»، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» ([2]).

ومناسبة هذه الآية للترجمة: أن عبادة المشركين للعزى، والصخرة، ومَنَاة - إنما كان بالتفات القلوب رغبة إليها في حصول ما يرجونه ببركتها من نفع أو دفع ضر، فصارت أوثانًا تُعبَد من دون الله، وذلك من شدة ضلال أهل الشرك وفساد عقولهم؛ كما قال عز وجل: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، فصارت عبادة القبور وعبادة الشجر والحجر هو شرك المشركين.

وقد جرى ذلك وما هو أعظم منه في أواخر هذه الأمة.

**********

قال: «وقول الله تعالى: ﴿أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ»، قوله: ﴿أَفَرَءَيۡتُمُ هذا استفهام إنكار.

يعني: أفرأيتم هذه الأصنام هل نفعت أو ضرت حتى تتعلقوا بها، وتتبركوا بها؟! هل نفعتكم؟! هل ضَرتكم؟! هل نفعت نفسها؟!


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (27/59).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3039).