×

ولَقِي الزبير بن العوام رجلاً قد أخذ سارقًا، يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله، فقال الرجل: لا، حتى أبلغ به السلطان! فقال الزبير: «إِذَا بَلَغْتَ بِهِ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » ([1]).

وسَرقت امرأة من قريش، من بني مخزوم، فتقرر قطع يدها، فأراد أسامة بن زيد رضي الله عنه أن يشفع لها، فغضب منه النبي صلى الله عليه وسلم - مع أنه يحب أسامة أشد الحب - وقال له: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟!»، ثُمَّ قَامَ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ([2])، وهو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

فلا يجوز لأحد أن يَحُول دون إقامة الحد على مَن تقرر عليه، سواء كان حد قِصاص، أو حد سرقة، أو حد زنا، أو حد شرب خمر... أو غير ذلك من الحدود. بل لابد من تنفيذ الحد إذا ثَبَت وتقرر؟

ومَن تدخل لإسقاطه فإنه يكون مضادًّا لحكم الله عز وجل، ويكون ملعونًا.

قوله: «لَعَنَ اللَّه مَنْ آوَى مُحْدِثًا» «المُحْدِث»: مَن أَحْدَث في الدين من بدع وخرافات.


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (1552)، والدارقطني رقم (3467)، والطبراني في «الأوسط» رقم (2284).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3475)، ومسلم رقم (1688).