×

ففيه معرفة قدر الشرك في قلوب أهل الإيمان، ونفرتهم عنه، وصلابتهم في الإخلاص؛ كما في حديث أنس الذي في البخاري وغيره الآتي إن شاء الله عز وجل: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ...»، وفيه: «وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ([1]).

وفيه تفاوت الناس في الإيمان؛ لأن هذا الرجل الذي قَرَّب الذباب لم يكن له عمل يستحق به دخول النار قبل ما فعله مع هذا الصنم؛ كما هو ظاهر الحديث. والله أعلم.

**********

هذا الحديث رواه طارق بن شهاب البَجَلي الأَحْمَسي رضي الله عنه.

وهو من صغار الصحابة، وقيل: إنه لم يَرْوِ عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا لصغره، فيكون قد رواه عن غيره من الصحابة. وهذا لا يضر؛ لأنه مرسل صحابي، والصحابي لا يرسل إلاَّ عن صحابي مثله، فلا تضر جهالة الصحابي لأن الصحابة كلهم عدول، رضي الله تعالى عنهم.

وقوله: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ» أي: بسبب ذباب. قَالُوا:: «وَكَيْفَ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!»؛ لأن هذا محل عجب، كيف دخل النار في ذباب؟!

فهذا الحديث فيه خير الأولين، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقص على أصحابه من أخبار الأولين لأجل العبرة والعظة. وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم؛ حيث يخبر عن أشياء لم يكن أدركها ولا شاهدها؛ وإنما أوحى بها الله عز وجل إليه وأعلمه بها. وهذا دليل على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (16)، ومسلم رقم (43).