×

ولأن الميت قد انتقل من هذه الدنيا، وصار من أهل الآخرة، فهو لا يسمع مَن دعاه ولا مَن طلب منه. ولو سمعه ما قَدَر أن يجيبه لأنه ميت. فهذا النذر معصية.

أيضًا: المال الذي يؤخذ بموجب هذا النذر حرام؛ لأنه نذر في معصية، فما نتج عنه فإنه حرام، فالنذور التي تُنْذَر للقبور والأضرحة كلها من هذا الباب.

ثم ذَكَر رحمه الله أن ابن نُجَيْم الحنفي، والمرشدي، ومَن جاء بعدهم - نقلوا كلام الشيخ قاسم الحنفي، وقال: «وزاد: وقد ابتُلي الناس بهذا لاسيما في مولد البدوي»، فما يُفعل عند قبر البدوي في يوم مولده المزعوم قد زاد البلاء فيه وتنوع. فهؤلاء القبوريون يعملون الموالد للأموات، ويفعلون في هذه الموالد المنكرات والشركيات.

وهذه النقول ساقها الشيخ رحمه الله ليبين اتفاق علماء المذاهب الأربعة على أن النذر لغير الله إشراك مع الله؛ كالذبح لغيره، فالذي يَذبح للقبور ذبيحتُه ميتة لا يحل أكلها، وفِعله شرك بالله عز وجل. وكذلك النذر، سواء نذر مالاً أو غيره، فإن هذا النذر يكون شركًا؛ لأن النذر عبادة، والعبادة لا تكون إلاَّ لله عز وجل.

وبهذه الأقوال من الأئمة غير الحنابلة ظهر فساد القول بأن هذه الأقوال في النذر لغير الله من مذهب الحنابلة أو مذهب الوهَّابية. وهذا من المغالطة؛ لأن الحنابلة لم ينفردوا بهذا القول، بل هو موجود في كتب الحنفية والشافعية والمالكية، ومَن تتبع كتب المذاهب الأربعة وجد فيها هذه الأقوال، وعَلِم أن الحنابلة لم ينفردوا بها.


الشرح