فمِن لازم هذه الآية أن
الله يثيب على الوفاء بالنذر. وليس القصد الإخبار بأن الله يعلم؛ لأنه معروف أن
الله يعلم كل شيء من الطاعات والمعاصي.
وما دام أن النذر عبادة فلا يجوز أن يُنْذَر لغير الله عز وجل. ومَن نذر
لغير الله فقد أشرك! فمَن نذر لقبر البدوي، أو قبر الحسين، أو لأي قبر، فقد أشرك
شركًا أكبر يُخْرِج من الملة.
ونذر الطاعة وإن كان الوفاء به واجبًا، إلاَّ أنه في الأصل منهي عنه؛ لِما
فيه من إحراج الإنسان لنفسه، وتحميلها شيئًا قد يشق عليها، وكان قبل أن ينذر في
سَعة من أمره، إن شاء فَعَل هذه الطاعة المستحبة، وإن شاء لم يفعلها، فلما نذر
فِعلها لزمته.
وكثيرًا ما يأتي أناس يسألون عن نذور لا يستطيعون الوفاء بها!!
فمنهم مَن نذر أن يصوم الدهر كله، ثم أشكل عليه أنه لا يستطيع أن يصوم سنة،
اثني عشر شهرًا، وقد كان في عافية وسَعة قبل أن يَنذر، وكان له أن يصوم إذا استطاع
ويترك إذا أراد، لكنه حين نذر وَرَّط نفسه.
ومنهم مَن نذر إذا نجح أن يتصدق بنصف راتبه دائمًا! فلما نجح وتوظف لم
يستطع أن يُخْرِج نصف راتبه في كل شهر؛ لأنه يحتاج إلى المال لينفقه على عائلته.
فورط نفسه المسكين، وهو قبل أن ينذر كان في سَعة، إن صار عنده زيادة من الراتب
تصدق، وإن لم يكن عنده زيادة لم تَلزمه الصدقة.