هذا حديث خَوْلة بنت حكيم،
وهي زوج عثمان بن مظعون رضي الله عنه، وهو من سادات المهاجرين، تُوفي في أول
الهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبًّا شديدًا، فحين تُوفي رضي الله
عنه قَبَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى، ووَضَع صلى الله عليه وسلم على
قبره حجرًا ليعرفه إذا أراد أن يزوره ويُسَلِّم عليه ويدعو له.
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً...»، يعني: سواء أكان هذا المنزل في البلد أم
كان في البَر، وسواء أكان هذا المنزل مؤقتًا أم كان غير مؤقت.
«ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ
التَّامَّاتِ...» أي: ألتجئ إلى الله بكلماته التي هي صفة من صفاته سبحانه وتعالى. حيث يجوز
الاستعاذة بالله عز وجل أو بصفة من صفاته.
و«كَلِمَاتِ اللهِ» تشمل:
كلمات الوحي، ومنها: القرآن والتوراة والإنجيل والزَّبور. وتشمل: الكلمات الكونية
التي يأمر بها سبحانه وتعالى وينهى بها ويدبر بها الكون.
قال: «لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ» إذا
قال العبد هذه الكلمة لم يضره شيء، لا من الجن ولا من الإنس. «حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ».
فهذا فيه أمان لبني آدم إذا نزلوا منزلاً أن يبادروا بقول هذه الكلمة.
وقوله: «التَّامَّاتِ»
أي: الكاملات الوافيات التي لا يَتطرق إليها نقص؛ لأن كلام الله سبحانه وتعالى
كامل؛ لأن الله عز وجل كامل، وصفاته كاملة، وكلامه كامل لا يتطرق إليه النقص، قال
عز وجل: ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ
مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ﴾ [فصلت: 42]، وقال
عز وجل: ﴿وَتَمَّتۡ
كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ
ٱلۡعَلِيمُ﴾ [الأنعام: 115].