×

وقوله: ﴿وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ ٥وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ ٦ [الأحقاف: 5- 6].

فهذه الآية تبين وتوضح ما تقرر في الآية قبلها، فأخبر عز وجل أنه لا أضل ممن يدعو أحدًا من دونه كائنًا مَن كان، وأخبر أن المدعو لا يستجيب لما طُلِب منه؛ من ميت أو غائب، أو ممن لا يَقْدِر على الاستجابة مطلقًا؛ من طاغوت ووثن، فليس لمن دعا غير الله إلاَّ الخيبة والخسران.

ثم قال عز وجل: ﴿وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ كما قال في آية يونس: ﴿وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡۖ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ ٢٨فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ إِن كُنَّا عَنۡ عِبَادَتِكُمۡ لَغَٰفِلِينَ ٢٩ [يونس: 28- 29].

ثم قال: ﴿وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ وقال عز وجل: ﴿وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ شُرَكَآءَهُمۡ قَالُواْ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدۡعُواْ مِن دُونِكَۖ فَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلَ إِنَّكُمۡ لَكَٰذِبُونَ [النحل: 86].

فلا يحصل للمشرك يوم القيامة إلاَّ نقيض قصده، فيُتبرأ منه ومن عبادته، ويُنْكَر ذلك عليه أشد الإنكار، وقد صار المدعو للداعي عدوًّا.

ثم أخبر عز وجل أن ذلك الدعاء عبادة بقوله: ﴿وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ، فدلت أيضًا على أن دعاء غير الله عبادة له، وأن الداعي له في غاية الضلال.

وقد وقع من هذا الشرك في هذه الأمة ما طمَّ وعمَّ، حتى أظهر الله مَن يبينه بعد أن كان مجهولاً عند الخاصة والعامة إلاَّ مَن شاء الله عز وجل.


الشرح