×

وهو في الكتاب والسُّنة في غاية البيان، لكن القلوب انصرفت إلى ما زَيَّن لها الشيطان، كما جرى للأمم مع الأنبياء والمرسلين، لما دَعَوهم إلى توحيد الله، جرى لهم من شدة العداوة ما ذكره الله عز وجل؛ كما قال عز وجل: ﴿كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ ٥٢أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ ٥٣ [الذاريات: 52- 53].

ويُشْبِه هذه الآية في المعنى قوله: ﴿يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ ١٣إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ ١٤ [فاطر: 13- 14]. أخبر الله عز وجل أن ذلك الدعاء شرك بالله، وأنه لا يغفره لمن لقيه به.

فتَدَبَّرْ هذه الآيات وما في معناها؛ كقوله: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا [الجن: 18]، ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا [الجن: 20]، وهو في القرآن أكثر من أن يُستقصى.

**********

قوله عز وجل في أول سورة الأحقاف: ﴿وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أي: لا أحد أشد ضلالاً؛ لأن «مَن» هذه استفهام بمعنى النفي، أي: لا أحد أشد ضلالاً ممن يدعو من دون الله؛ لأن الشرك أعظم الظلم، وأعظم الذنوب، وأعظم الضلال. والضلال معناه: الضياع عن الحق، والتيه عن الهدى. فالضال لا يدري أين يسير.


الشرح