فقوله عز وجل: ﴿وَكَانُواْ
بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ﴾ يعني: جاحدين لها. يقولون: أبدًا، أنتم ما عبدتمونا ولا
أمرناكم بذلك، ولا صلة بيننا وبينكم!! ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ
جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ
٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ
ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١﴾ [سبأ: 40- 41]
يعني: الشياطين؛ لأن الشياطين هي التي أمرتهم بذلك، فهم يعبدون الشياطين ولا
يعبدون الملائكة ﴿بَلۡ كَانُواْ
يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ﴾.
هذا مآلهم: في الدنيا لا يستجيبون لهم، ولا يسمعون دعاءهم. ويوم القيامة
يتبرءون منهم ويعادونهم.
قال عز وجل في آية سورة العنكبوت: ﴿وَقَالَ
إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ
ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ
بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّٰصِرِينَ﴾ [العنكبوت: 25].
هذه مقالة إبراهيم عليه السلام لقومه، يُحَذِّرهم من عواقب الأمور. والعاقل
يتفكر في عواقب الأمور، ولا ينظر إلى ما عليه الناس، ولا يَدخل معهم دون تفكير في
العواقب؛ بل يتفكر في العواقب والنتائج قبل أن يدخل في الشيء، ولا يأخذه التقليد
الأعمى إلى أن يغامر مع الناس بدون نظر في العواقب.
وما أَحْسَنَ قولَ الشاعر:
وأحزمُ الناس مَن لو مات من ظمإ **** لا يَقرب الوِرد
حتى يَعرف الصَّدرا