والرسول صلى الله عليه وسلم قادر على أن يَردع هذا المنافق. فلماذا أجابهم
صلى الله عليه وسلم بهذه الإجابة؟
قيل: إن الرسول صلى
الله عليه وسلم فَعَل هذا - وإن كان قادرًا على إغاثتهم - من أجل سد الذريعة التي
تُفضي إلى الشرك، ومن أجل التأدب مع الله سبحانه وتعالى.
فهذا فيه سد الذرائع
التي تُفضي إلى الشرك؛ لأنه لو أقرَّهم على هذه الكلمة وأغاثهم، صار هذا وسيلة إلى
أن يُدْعَى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شدة وفي كل ملمَّة. والناس على أشد
الاستعداد عندما تحصل لهم مناسبة أن يستدلوا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم
ويقولوا: الصحابة استغاثوا به فأغاثهم، فلماذا لا نستغيث به وهو ميت؟!
انظر إلى حكمة
الرسول صلى الله عليه وسلم حيث سد هذا الباب من أصله!!
فدل ذلك على أن
الشيء ولو كان جائزًا إذا كان يُفضي إلى محرم، فإنه يصبح غير جائز. وهذا ما يسميه
أهل العلم بـ «سد الذرائع».
فهذا الحديث من باب
سد الذرائع.
فالرسول صلى الله
عليه وسلم مَنَع من شيء جائز خوفًا أن يُفضي إلى شيء غير جائز.
مثل ما منع من
الصلاة عند القبور، والدعاء عند القبور، وإن كان المصلي والداعي لا يدعو إلاَّ
الله ولا يصلي إلاَّ لله، لكن هذا وسيلة من وسائل الشرك. كذلك هنا، فالرسول صلى
الله عليه وسلم أنكر هذه اللفظة سدًّا للذرائع وتعليمًا للمسلمين أن يتجنبوا
الألفاظ غير اللائقة.
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر الاستغاثة به فيما يقدر عليه، فكيف بالاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله سبحانه وتعالى ؟! وكيف بالاستغاثة