وقوله: ﴿وَلَا
تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ
فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [يونس: 106] ففي هذه الآية النهي عن أن يُدْعَى
أحد من دونه عز وجل. وأخبر عز وجل أن غيره لا يضر ولا ينفع.
وقوله:
﴿فَإِن
فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ والظلم في هذه
الآية هو الشرك؛ كما قال عز وجل عن لقمان: ﴿إِنَّ
ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13].
وقوله: ﴿وَإِن
يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ﴾ [يونس: 107] هذا
في حق المستغيث. أخبر الله عز وجل أنه لا يكشف ضُره إلاَّ الله وحده دون ما سواه
مطلقًا.
وقوله:
﴿وَإِن
يُرِدۡكَ بِخَيۡرٖ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ﴾ وهذا في حق كل
طالب وراغب. أخبر عز وجل أنه هو الذي يتفضل على من سأله، ولا يقدر أحد أن يمنعه
شيئًا من فضل الله عليه، فهو المعطي والمانع، لا مانع لما أَعطى ولا مُعْطِي لما
مَنَع.
وفي
هذا المعنى ما في حديث ابن عباس، وفيه: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ
اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ
قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ
يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ» ([1]).
فمَن تدبر هذه الآية وما في معناها، عَلِم أن ما وقع فيه الأكثر من دعوة غير الله هو الظلم العظيم والشرك الذي لا يُغفر، وأنهم قد أثبتوا ما نفته «لا إله إلاَّ الله» من الشرك في الإلهية، ونَفَوا ما أثبتته من الإخلاص؛ كما قال عز وجل: ﴿فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ﴾ [الزمر: 2].
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556)، والطبراني في «الكبير» رقم (11416).