وقوله: ﴿فَإِن فَعَلۡتَ﴾ أي دعوت غير الله ﴿فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ وهذا من باب
الافتراض، وإلا فمحال أن النبي صلى الله عليه وسلم سيفعل ذلك، ولكن لو قُدِّر أنه
فعله وهو أكرم الخلق، فإنه يكون من الظالمين، فكيف بغيره إذا دعا غير الله؟!
والمراد بالظلم في هذه الآية: الشرك؛ لأن الشرك هو أعظم الظلم، قال عز وجل:
﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ
عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13].
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لو فعل ذلك كان من المشركين، فكيف بغيره
لو فَعَل هذا؟! يكون من الظالمين - أي: من المشركين - من باب أَوْلى، ولا ينفعه
ورعه وزهده وتعبده، وصارت أعماله كلها هباءً منثورًا!!
وقوله: ﴿وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ
بِضُرّٖ﴾ أي: يصبك بضرر؛ من مرض، أو فقر، أو جوع، أو فاقة، أو
حاجة... أو غير ذلك من أنواع الضرر ﴿فَلَا
كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ﴾ لا يَكشف الضُّر بعد نزوله إلاَّ الله سبحانه وتعالى.
لو تدعو أي مخلوق على أن يشفيك من مرض، أو يغنيك من فقر، أو ينقذك من شدة؛
ما استطاع أن يكشف ما أنزل الله.
قوله: ﴿وَإِن يُرِدۡكَ
بِخَيۡرٖ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ﴾ أي: إذا قَدَّر الله لك
خيرًا فلا أحد يستطيع منعه. ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يمنعوا ما أراده الله
لك من الخير، ما استطاعوا أبدًا!
إذًا لماذا تخاف المخلوقين؟! ولماذا تدعو المخلوقين وهم ليس بأيديهم نفع
ولا ضُر، ولا يكشفون الضر عمن دعاهم؟!