×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 والعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي أَسَاسُهُ التَّوْحِيدُ، وإِفْرَادُ اللَّهِ تعالى بالعِبَادَةِ، ومَا هُوَ التَّوْحِيدُ؟ هُوَ إِفْرَادُ اللَّهِ بالعِبَادَةِ، ولَيْسَ التَّوْحِيدُ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ الجُهَّالِ أو الضُّلاَّلِ: التَّوْحِيدُ هُوَ الإِقْرَارُ بِوُجُودِ اللَّهِ، أو الإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الخَالِقُ الرَّازِقُ المُحْيِي المُمِيتُ، هَذَا تَوْحِيدٌ، لَكِنَّهُ لَيْسَ التَّوْحِيدَ المَطْلُوبَ؛ لأَِنَّ هَذَا أَقَرَّ بِهِ المُشْرِكُونَ، ولَم يُدْخِلْهُم في الإِسْلاَمِ.

إِقْرَارُ المُشْرِكِينَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ

****

يَقُولُ اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ [لقمان: 25]، ويَقُولُ تعالى: ﴿أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ٦٣أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٦٤ [النمل: 63- 64]، ﴿قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٤سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٨٥ [المؤمنون: 84- 85]، صَارُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الخَالِقُ الرَّازِقُ الَّذِي يَمْلِكُ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ ومَنْ فِيهِنَّ، وهُم مُشْرِكُونَ مَعَ ذَلِكَ، ولَم يُدْخِلْهُم ذَلِكَ في الإِسْلاَمِ حَتَّى أَقَرُّوا واعْتَرَفُوا بِأَنَّ العِبَادَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تعالى، فَأَفْرَدُوا اللَّهَ بالعِبَادَةِ، وتَرَكُوا عِبَادَةَ الأَصْنَامِ، وعِبَادَةَ الأَوْثَانِ، وعِبَادَةَ الأَشْجَارِ والأَحْجَارِ، وأَخْلَصُوا العِبَادَةَ لِلَّهِ، حِينئِذٍ صَارُوا مُسْلِمِينَ، أَمَّا اقْتِصَارُ التَّوْحِيدِ عَلَى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، فَهَذَا لا يَكْفِي؛ لأَِنَّ هَذَا أَقَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلٍ رَأْسُ الكُفْرِ، وأَقَرَّ بِهِ أَبُو لَهَبٍ، وأَقَرَّ بِهِ كُلُّ الكَفَرَةِ، أَقَرُّوا بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وأَنَّ اللَّهَ هُوَ الخَالِقُ الرَّازِقُ المُحْيِي المُمِيتُ المُدَبِّرُ، لَكِنَّهُم كَانُوا يَعْبُدُونَ مَعَهُ الأَصْنَامَ: اللاَّتَ والعُزَّى ومَنَاة، فَصَارُوا مُقِرِّينَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ،


الشرح