×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وفي حَدِيثٍ آخَرَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ في آخِرِ الزَّمَانِ يَقِلُّ العُلَمَاءُ ويَكْثُرُ القُرَّاءُ، وفي أَثَرٍ آخَرَ يَكْثُرُ الخُطَبَاءُ في آخِرِ الزَّمَانِ ويَقِلُّ الفُقَهَاءُ، ومِنْ هُنَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَهْتَمَّ بِجَانِبِ التَّوْحِيدِ، وأَنْ نَعْتَنِيَ بِهِ عِنَايَةً تَامَّةً بِأَنْ نَدْرُسَهُ ونُدَرِّسَهُ ونُحَاضِرَ فِيهِ، ونَعْقِدَ فِيهِ النَّدَوَاتِ، ونُشَكِّلَ فِيهِ البَرَامِجَ في الوَسَائِلِ الإِعْلاَمِيَّةِ، ونَكْتُبَ في الصُّحُفِ، ونَدْعُوَ إِلَى التَّوْحِيدِ، رَضِيَ مَن رَضِيَ، وغَضِبَ من غَضِبَ؛ لأَِنَّ هَذَا أَسَاسُ دِينِنَا، وهَذَا مَبْنَى عَقِيدَتِنَا، ونَحْنُ أَحْوَجُ النَّاسِ إِلَى أَنْ نَتَعَرَّفَ عَلَيْهِ، وأَنْ نَتَدَارَسَهُ ونُبَيِّنَهُ لِلنَّاسِ.

فالعَالَمُ الإِسْلاَمِيُّ اليَوْمَ مَا عَدَا هَذِهِ البِلاَدِ الَّتِي حِمَاهَا اللَّهُ بِدَعْوَةِ التَّوْحِيدِ فِيهَا المَشَاهِدُ الشِّرْكِيَّةُ المُشَيَّدَةُ عَلَى القُبُورِ، كَمَا تَسْمَعُونَ عَنْهَا أو كَمَا رَآهَا بَعْضُكُم مِمَّنْ سَافَرَ، الدِّينُ عِنْدَهُم الشِّرْكُ، وعِبَادَةُ المَوْتَى، والتَّقَرُّبُ إِلَى القُبُورِ، ومَنْ لَم يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ عِنْدَهُم بِمُسْلِمٍ؛ لأَِنَّهُ بِزَعْمِهِم يتنْقصُ الأَوْلِيَاءَ كَمَا يَقُولُونَ، وهُنَاكَ دُعَاةٌ لاَ يَهْتَمُّونَ في تِلْكَ البَلَدِ بِأَمْرِ التَّوْحِيدِ مَعَ الأَسَفِ، إِنَّمَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى الأَخْلاَقِ الطَّيِّبَةِ، وإِلَى تَرْكِ الزِّنَا، وتَرْكِ شُرْبِ الخُمُورِ، وهَذِهِ كَبَائِرُ المُحَرَّمَاتِ بِلاَ شَكٍّ، ولَكِنْ حَتَّى لَوْ تَرَكَ النَّاسُ الزِّنَا وشُرْبَ الخُمُورِ، وحَسَّنُوا أَخْلاَقَهُم، وتَرَكُوا الرِّبَا، لَكِنَّهُم لَم يَتْرُكُوا عِبَادَةَ القُبُورِ، فَإِنَّ أَسَاسَهُم غَيْرُ صَحِيحٍ، ودِينَهُم غَيْرُ صَحِيحٍ ولَوْ تَرَكُوا الكَبَائِرَ، مَادَامَ أَنَّهُم لَم يَتْرُكُوا الشِّرْكَ، وحَتَّى مَنْ لَم يُشْرِكْ مَا دَامَ أَنَّهُ لاَ يُنْكِرُ الشِّرْكَ، ولاَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، ولاَ يَتَبَرَّأُ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِثْلَهُم.


الشرح