ونَصِيحَتِهم، وعَدَمِ مُخَالَفَتِهِم، وعَدَمِ
إِثَارَةِ الأَحْقَادِ ضِدَّهُم، والتِمَاس الأَخْطَاءِ والنَّفْخِ فِيهَا من
أَجْلِ تَفْرِيقِ المُسْلِمِينَ، هَذِهِ نَخْشَى أَنْ تُؤَوَّلَ إِلَى شَرٍّ فَلْتَكُنْ
مِنْهَا عَلَى حَذَرٍ، وتُعَالِجْ هَذِهِ القَضِيَّةَ قَبْلَ اسْتِفْحَالِهَا.
الأَمْرُ بالاجْتِمَاعِ في العِبَادَاتِ وبَيَانُ سَبَبِ الافْتِرَاقِ
****
واللَّهُ
تعالى أَمَرَنَا بالاجْتِمَاعِ في العِبَادَاتِ من أَجْلِ أَنْ نَجْتَمِعَ فِيمَا
سِوَاهَا من أُمُورِ دِينِنَا ودُنْيَانَا، فَمَثَلاً الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ،
اللَّهُ تعالى أَمَرَنَا أَنْ نُؤَدِّيَهَا جَمَاعَةً في المَسَاجِدِ:
-
فَشَرَعَ
لَنَا اجْتِمَاعًا يَتَكَرَّرُ في اليَوْمِ واللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَذَا
دَرْسٌ لِلاِجْتِمَاعِ عَلَى إِمَامٍ واحِدٍ لا نَخْتَلِفُ عَلَيْهِ، هَذِهِ
تَرْبِيَةٌ عَلَى الاجْتِمَاعِ عَلَى الحَقِّ والعِبَادَةِ.
-
وشَرَعَ
لَنَا اجْتِمَاعًا أُسْبُوعِيًّا أَكْبَرَ مِنَ الاجْتِمَاعِ اليَوْمِيِّ، وهُوَ
الاجْتِمَاعُ لِصَلاَةِ الجُمُعَةِ.
-
وشَرَعَ
لَنَا اجْتِمَاعًا سَنَوِيًّا أَكْبَرَ مِنَ الجُمُعَةِ، وهُوَ اجْتِمَاعٌ
لِصَلاَةِ العِيدِ عِيدِ الفِطْرِ وعِيدِ الأَضْحَى.
بَلْ
شَرَعَ لَنَا اجْتِمَاعًا أَكْبَرَ من اجْتِمَاعِ العِيدِ، وهُوَ اجْتِمَاعُ
الحَجِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ المُسْلِمُونَ من أَقْطَارِ الأَرْضِ في صَعِيدٍ
واحِدٍ، يَطُوفُونَ حَوْلَ بَيْتٍ واحِدٍ، يُؤَدُّونَ عِبَادَةً واحِدَةً، في
زَمَنٍ واحِدٍ، ومَكَانٍ واحِدٍ، من أَجْلِ أَنْ يَتَرَبَّى المُسْلِمُونَ عَلَى
الاجْتِمَاعِ والائْتِلاَفِ والمَحَبَّةِ والأُخُوَّةِ.
هَذِهِ دُرُوسُ الاجْتِمَاعِ؛ لأَِنَّ الفرْقَةَ والاخْتِلاَفَ عَذَابٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾ [الأنفال: 46]، فالتَّنَازُعُ يُسَبِّبُ الفَشَلَ وهُوَ الهَزِيمَةُ وانْتِصَارُ العَدُوِّ عَلَى المُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ في