إِذًا لا بُدَّ من مَنْهَجٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ
يَحْسِمُ هَذَا الخِلاَفَ، ولَيْسَ هُنَاكَ مَنْهَجٌ يَحْسِمُ الخِلاَفَ إلاَّ
سَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وسَنة خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» الخُلَفَاءُ
الأَرْبَعَةُ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ
اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم، هَؤُلاَءِ هُم الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الَّذِينَ
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّتِهِم
ومَنْهَجِهِم وهَدْيِهِم، بَلْ إِنَّ اللَّهَ تعالى شَرَعَ لَنَا الأَخْذَ بِمَنْهَجِ
السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ
وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ
وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ
أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾
[التوبة: 100]، فاللَّهُ شَرَعَ لَنَا الأَخْذَ بِمَنْهَجِ السَّابِقِينَ
الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ عُمُومًا، والأَخْذَ بِمَنْهَجِ
الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ خُصُوصًا؛ لأَِنَّهُم خُلَفَاءُ الرَّسُولِ صلى الله
عليه وسلم وأُولَئِكَ أَصْحَابُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَمَنْهَجُهُم هُوَ
المَنْهَجُ الصَّحِيحُ، ومَا عَدَاهُ فَهُوَ ضَلاَلٌ.
أَيُّ
إِنْسَانٍ يَبْتَكِرُ مَنْهَجًا أو خُطَّةً يَدْعُو إِلَيْهَا، ويَجْمَعُ النَّاسَ
عَلَيْهَا، وهِيَ تُخَالِفُ مَنْهَجَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ومَنْهَجَ
الصَّحَابَةِ ومَنْهَجَ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، فَإِنَّهَا خُطَّةٌ ضَالَّةٌ
لا تُسْمِنُ ولا تُغْنِي من جُوعٍ، بَلْ تَضُرُّ، ومَا حصلَ في المُسْلِمِينَ
اليَوْمَ خَيْرُ شَاهِدٍ، فَإِنَّهُم لَمَّا كَثُرَتْ بِهِمُ النِّزَاعَاتُ،
وصَارُوا يَتَقَبَّلُونَ الأَفْكَارَ الوَافِدَةَ من هُنَا وهُنَاكَ، تَفَرَّقُوا
واخْتَلَفُوا وتَعَادَوْا وتَقَاطَعُوا، ولَوْ أَنَّهُم عَمِلُوا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ورَجَعُوا إِلَى المَنْهَجِ الصَّحِيحِ لَمَّا كَانَ
شَيْءٌ من ذَلِكَ.
واللَّهُ تعالى أَمَرَنَا بِالرُّجُوعِ إِلَى كِتَابِهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم والاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، وأَمَرَنَا بِطَاعَةِ وُلاَةِ أُمُورِنَا