وأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا
ولا تَفَرَّقُوا، هَذِهِ الثَّانِيَةُ، وأَنْ تَنَاصَحُوا من وَلاَّهُ اللَّهُ
أَمرَكُم، هَذِهِ الثَّالِثَةِ.
ومُنَاصَحَةُ
ولِيِّ الأَمْرِ تَكُونُ بِطَاعَتِهِ بالمَعْرُوفِ، وبِالْقِيَامِ بالعَمَلِ الَّذِي
يَكِلُهُ إِلَى رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّ مُوَظَّفٍ مَسْؤُولٌ عَنْ عَمَلِهِ يُنَاصِحُ
فِيهِ ولِيَّ الأَمْرِ بِأَنْ يُؤَدِّيَهُ عَلَى الوَجْهِ المَطْلُوبِ، لا يَخُونُ
فِيهِ اللَّهَ والرَّسُولَ، بَلْ يُؤَدِّيهِ عَلَى الوَجْهِ المَطْلُوبِ، هَذِهِ
مِنَ النَّصِيحَةِ لِوَلِيِّ الأَمْرِ، القِيَامُ بالأَعْمَالِ الوَظِيفِيَّةِ
عَلَى النِّظَامِ المَطْلُوبِ والعَدَالَةِ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ
يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِلهِ،
وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ،
وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَكُمْ» ([1]).
والثَّانِيَةِ: أَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ القُرْآنُ والسُّنَّةُ، «وَلاَ تَفَرَّقُوا» كُلٌّ لَهُ مَذْهَبٌ، وكَلٌّ لَهُ مَنْهَجٌ، وكَلٌّ لَهُ حِزْبٌ، وكَلٌّ لَهُ جَمَاعَةٌ، هَذَا إِذَا جَازَ في الأُمَمِ الكَافِرَةِ؛ لأَِنَّهَا تَتَخَبَّطُ في ضَيَاعٍ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ أَبَدًا لِلمُسْلِمِينَ لأَِنَّهُم في نُورٍ، يَسِيرُونَ عَلَى مَنْهَجٍ رَبَّانِيٍّ، لا يَجُوزُ لَهُم أَنْ يَتَفَرَّقُوا أَبَدًا في عَقَائِدِهِم، ولا في مَنَاهِجِهِم، بَلْ يَجْتَمِعُونَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وفي الحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2])، لا بُدَّ مِنَ المَنْهَجِ الصَّحِيحِ عِنْدَ الاخْتِلاَفِ: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا».
([1]) أخرجه: مسلم رقم (55).