×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء: 76]، واللَّهِ، لا يَجْمَعُ بَيْنَ القُلُوبِ طَمَعُ الدُّنيا مَهْمَا بَلَغَ، وإِنَّمَا الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ القُلُوبِ هُوَ الإِيمَانُ والنِّظَامُ الشَّرْعِيُّ، الشَّرِيعَةُ الإِسْلاَمِيَّةُ هِيَ الَّتِي تَجْمَعُ القُلُوبَ، والإِيمَانُ هُوَ الَّذِي يُوَحِّدُ الرَّغَبَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٦٢وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٦٣ [الأنفال: 62- 63]، أَلَّفَ بَيْنَهُم بِمَاذَا؟ أَلَّفَ بَيْنَهُم بالإِيمَانِ والمَحَبَّةِ فِيمَا بَيْنَهُم، ولِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ([1])، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلِ الْجَسَدِ الوَاحِد»، فالجَسَدُ مُجْتَمِعٌ من أَعْضَائِهِ وعَضَلاَتِهِ، و«الْجَسَدِ الوَاحِد، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» ([2]).

أَمَّا لَوْ تَفَرَّقَتْ أَعْضَاءُ الجَسَدِ وعَضَلاَتُهُ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ ولا تَقُومُ لَهُ قَائِمَةٌ، كَذَلِكَ الأُمَّةُ إِذَا تَفَرَّقَتْ واخْتَلَفَتْ وتَعَادَتْ وتَقَاطَعَتْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ [الأنعام: 159]، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا [الأنعام: 159]، يَعْنِي: أَحْزَابًا، ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159]، الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بَرِيءٌ مِنْهُم، بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهُم، ﴿إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ [الأنعام: 159]، هَذَا وعِيدٌ.

وقَالَ تَعَالَى: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53]، لَمَّا تَفَرَّقُوا فَرَّقَ اللَّهُ شَمْلَهُم، وعَاقَبَهُم بِأَنَّ كُلَّ واحِدٍ فَرِحَ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13)، مسلم رقم (45).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (5665)، مسلم رقم (2586).