×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

النِّزَاعُ والشَّحْنَاءُ تَمْنَعَانِ المَغْفِرَةَ حَتَّى يَصْطَلِحَا، كُلُّ هَذَا من أَجْلِ جَمْعِ كَلِمَةِ المُسْلِمِينَ والنَّهْيِ عَنِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُم.

ثُمَّ نَهَى اللَّهُ تعالى عَنْ أَشْيَاءَ تُسَبِّبُ الافْتِرَاقَ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ [الحجرات: 11]،، السُّخْرِيَةُ مِنَ المُسْلِمِينَ لا تَجُوزُ؛ لأَِنَّهَا تَنْقِيصٌ لِلمُسْلِمِ، والمُسْلِمُ عَزِيزٌ عِنْدَ اللَّهِ تعالى، وأَيْضًا تُسَبِّبُ العَدَاوَةَ والرَّدَّ بالمِثْلِ، ومَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ هَذَا الَّذِي سَخِرْتَ مِنْهُ يَكُونُ خَيْرًا مِنْكَ عِنْدَ اللَّهِ تعالى، فَتَكُونُ سَخِرْتَ بِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ؟ ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ [الحجرات: 11]، اللَّمْزُ مَعْنَاهُ التَّنْقِيصُ، فُلاَنٌ غَيْرُ كُفْءٍ، فُلاَنٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، هَذَا كَلاَمٌ تَقُولُهُ في عِرْضِ أَخِيكَ المُسْلِمِ، هَذَا لَمْزٌ ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ [الحجرات: 11]، يَعْنِي: لا يَلْمِزُ بَعْضُكُم بَعْضًا، وقَالَ: أَنْفُسكُم؛ لأَِنَّ المُسْلِمِينَ كَالنَّفْسِ الوَاحِدَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ [النساء: 29]، يَعْنِي: لا يَقْتُلُ بَعْضُكُم بَعْضًا: ﴿فَسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ [النور: 61]، يَعْنِي: يُسَلِّمُ بَعْضُكُم عَلَى بَعْضٍ.

المُسْلِمُونَ نَفْسٌ واحِدَةٌ، وجَسَدٌ واحِدٌ، وبُنْيَانٌ واحِدٌ، ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ [الحجرات: 11]، الأَلْقَابُ: المَعَايِيرُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَنْقِيصٍ كَالْبَخِيلِ، أو الأَلْقَابُ الَّتِي يَكْرَهُهَا المُسْلِمُ إِنْ هُوَ عُيِّرَ بِلَقَبٍ فِيهِ: كَالْجَبَانِ، البَخِيلِ... كُلُّ لَقَبٍ يُشْعِرُ بِذَمٍّ؛ لأَِنَّ اللَّقَبَ هُوَ مَا يَشْعُرُ بِالذَّمِّ، خِلاَف الكُنْيَةِ فَإِنَّهَا تُشْعِرُ بالمَدْحِ: أَبُو فُلاَنٍ، أَمُّ فُلاَنٍ، هَذَا يُشْعِرُ بالمَدْحِ، ولِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَنِّي أَصْحَابَهُ تَكْرُمَةً لَهُم وتَطْيِيبًا لِخَوَاطِرِهِم، والشَّاعِرُ يَقُولُ:

أُكَنِّيهِ إِذْ أَدْعُوَهُ لأُِكْرِمَهُ


الشرح