العَدَالَةِ؛ لأَِنَّ الأَصْلَ في المُسْلِمِ
العَدَالَةُ، فَأَحْسِنْ بِهِ الظَّنَّ مَا لَم يَتَبَيَّنْ لَكَ ويَثْبُتْ
لَدَيْكَ خِلاَفُ ذَلِكَ.
والنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ
مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِْيمَانُ في قَلْبِهِ,لاَ تَتَّبِعُوا
عَوَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ تَتَبَّعَ
اللهُ عَوْرَتَهُ، وَإذا تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ فَضَحَهُ وَلَوْ كَان فِي
قَعْرِ بَيْتِهِ» ([1]).
فلا
تَتَّبِعْ عَوْرَاتِ المُسْلِمِينَ، بَلْ غُضَّ الطَّرْفَ عَنْ عَوْرَاتِ
المُسْلِمِينَ، ومَا كُلِّفْتَ بِمُحَاسَبَةِ النَّاسِ من أَجْلِ أَنْ تَعْثُرَ
عَلَى عَيْبٍ مِنَ العُيُوبِ وتَفَشِّيهِ في النَّاسِ، ولَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ
أَنَّنَا نَتْرُكُ الأَمْرَ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ،
والنَّصِيحَةَ، لا، إِذَا كَانَ الدَّافِعُ لِلتَّجَسُّسِ عَلَى النَّاسِ هُوَ
الغيرَةُ عَلَى الدِّينِ، ومِنْ أَجْلِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ
المُنْكَرِ، وكَانَ هَذَا الشَّخْصُ مُتَّهَمًا، القَرِينَةُ والتُّهْمَةُ
قَائِمَةٌ.
فَإِذَا كَانَ الغَرَضُ مِنَ التَّجَسُّسِ هُوَ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ فَلا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ هَذَا مَصْلَحَتَه أَكْثَرُ مِنَ المضرَّة، أَمَّا إِذَا كَانَ القَصْدُ التِمَاس العُيُوبِ وتَنْقِيصِ النَّاسِ فَهَذَا لا يَجُوزُ بِحَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أو نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، وإِنَّمَا هُوَ التِمَاسٌ لِلعُيُوبِ وإِفْشَاءٌ لِلفَاحِشَةِ، اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ﴾ [النور: 19]، فالحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّجَسُّسُ عَلَى النَّاسِ يُقْصَدُ مِنْهُ التِمَاسُ العُيُوبِ والعَثَرَاتِ، هَذَا لا يَجُوزُ، أَمَّا إِذَا كَانَ القَصْدُ مِنْهُ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، والنَّصِيحَةُ لِهَذَا الشَّخْصِ ولِغَيْرِهِ هَذَا شَيْءٌ طَيِّبٌ، ثُمَّ قَالَ جل وعلا: ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ﴾ [الحجرات: 12]، هَذَا من أَسْبَابِ التَّفْرِقَةِ والغِيبَةِ كَمَا بَيَّنَهَا
([1]) أخرجه: الترمذي (2032)، وأبو يعلى رقم (1675)، والبيهقي في «الشعب» رقم (10682).