×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قالوا يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ» ([1])، إِذًا أَنْتَ لا تَخْرُجُ عَنِ الإِثْمِ، إِمَّا مُغْتَابٌ وإِمَّا كَذَّابٌ، إِنَّ أَعْدَاءَ المُسْلِمِينَ في كُلِّ زَمَانٍ ومَكَانٍ دَائِمًا يُحَاوِلُونَ تَفْرِيقَ المُسْلِمِينَ، وتَفْرِيقَ الكَلِمَةِ، وزَرْعَ العَدَاوَةِ بَيْنَ الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، بَيْنَ المُسْلِمِينَ بَعْضِهِم مَعَ بَعْضٍ، بَيْنَ العَوَامِّ، والعُلَمَاءِ، هَذَا في كُلِّ زَمَانٍ ومَكَانٍ لا تَخْلُو الأُمَّةُ من دَخِيلٍ يُفْسِدُ، لَمَّا جَمَعَ اللَّهُ المُسْلِمِينَ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم حَاوَلَ المُنَافِقُونَ التَّفْرِقَةَ، فَقَدْ فَضَحَهُم اللَّهُ في كِتَابِهِ كَمَا تَقْرَؤُونَ ذَلِكَ، وقَصْدُهُم تَفْرِيقُ الكَلِمَةِ. ﴿هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ [المنافقون: 7]، يَعْنِي: يَتَفَرَّقُوا، ﴿وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ [المنافقون: 7]، إِذَا مَنَعْتُم النَّفَقَةَ فاللَّهُ عِنْدَهُ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ، ولَكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ، اليَهُودُ أَيْضًا بِدَوْرِهِم لا يَزَالُونَ يُرِيدُونَ تَفْرِيقَ المُسْلِمِينَ: ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ [آل عمران: 72]، تَآمَرُوا، قَالَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ: أَسْلِمُوا أَوَّلَ النَّهَارِ وإِذَا صَارَ آخِرُ النَّهَارِ انْصَرِفُوا عَنِ الإِسْلاَمِ من أَجْلِ أَنْ يَتَّبِعُوكُم، يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ في دِينِ مُحَمَّدٍ خَيْرٌ مَا تَرَكَهُ هَؤُلاَءِ؛ لأَِنَّهُم أَهْلُ كِتَابٍ وأَهْلُ مَعْرِفَةٍ، ولَكِنَّ اللَّهَ أَبْطَلَ كَيْدَهُم، ولَمَّا اجْتَمَعَ الأَنْصَارُ الأَوْسُ والخَزْرَجُ يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُم ويَتَآلَفُونَ جَاءَ يَهُودِيٌّ وأَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُم، فَجَلَسَ مَعَهُم وجَعَلَ يذكرهم بالعَدَاوَاتِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُم في الجَاهِلِيَّةِ، ويُنْشِدُ الأَشْعَارَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُم، فَحَصَلَ بَيْنَهُم شَيْءٌ وتَكَلَّمَ بَعْضُهُم في


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2589).