×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

بَعْضٍ، وتَوَاعَدُوا الحُرَّةَ مِنَ الغَدِِ لحَرْبِ وبِالْحُرُوبِ، فَلَمَّا بَلَغَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ أَسْرَعَ إِلَيْهِم وجَعَلَ يُذَكِّرُهُم بِنِعْمَةِ اللَّهِ، وأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ [آل عمران: 103]، إِلَى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قَامُوا وسَلَّمَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ، وزَالَتِ العَدَاوَةُ الَّتِي أَرَادَ هَذَا اليَهُودِيُّ أَنْ يَبُثَّهَا ويُفَرِّقَ بَيْنَهُم.

ولَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا جَاءَ اليَهُودُ والمَجُوسُ بِكَيْدِهِم، وحَصَلَ أَنَّهُم اسْتَمَالُوا بَعْضَ شَبَابِ المُسْلِمِينَ عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان وانْتَهَى الأَمْرُ بِقَتْلِ خَلِيفَةِ المُسْلِمِينَ الرَّاشِدِ ذِي النُّورَيْنِ عُثْمَانَ بْنُ عَفَّانَ، فَحَصَلَتِ الفِتَنُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ والقِتَالُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ، والقِتَالُ الَّذِي حَصَلَ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ ولَم يَنْتَهِ الأَمْرُ إلاَّ عَلَى يَدِ الحَسَنِ بْن عَلَيٍّ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ([1]).

لَمَّا قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ، الخَلِيفَةُ الرَّابِعُ، لَمَّا قُتِلَ واسْتَخْلَفَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، وكَانَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، ورَأَى الحَسَنُ أَنَّ المُسْلِمِينَ في حَرْبٍ أَرَادَ أَنْ يَحْسِمَ هَذَا النِّزَاعَ، وأَنْ يُصْلِحَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، فَتَنَازَلَ عَنِ الخِلاَفَةِ لِمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّه عَنِ الجَمِيعِ، من أَجْلِ حَقْنِ الدِّمَاءِ، والجَمْعِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وتَحَقَّقَتْ فِيهِ بُشْرَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، فَاجْتَمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى مُعَاوِيَةَ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2557).