×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَأَدَّبَ كَأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم حَاضِرٌ، وكَانَ العُلَمَاءُ يَتَأَدَّبُونَ مَعَ أَحَادِيثِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، ويَتَلَقَّوْنَهَا بِأَدَبٍ واحْتِرَامٍ ومَحَبَّةٍ لَهَا وإِجْلاَلٍ لَهَا كَأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم حَاضِرٌ؛ لأَِنَّ احْتِرَامَ أَحَادِيثِ الرَّسُولِ من احْتِرَامِهِ صلى الله عليه وسلم، واحْتِرَامَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وتَوْقِيرَهُ من احْتِرَامِ اللَّهِ عز وجل قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٨لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ٩ [الفتح: 8- 9]، هَذِهِ فِيهَا شَيْءٌ لِلَّهِ، وشَيْءٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: ﴿لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ [الفتح: 9]، هَذَا لِلَّهِ تعالى، ﴿وَتُعَزِّرُوهُ [الفتح: 9]، يَعْنِي: الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم، والتَّعْزِيرُ مَعْنَاهُ التَّوْقِيرُ، ﴿وَتُوَقِّرُوهُۚ [الفتح: 9]، تَأْكِيدٌ، ﴿وَتُسَبِّحُوهُ [الفتح: 9]، هَذَا لِلَّهِ تعالى، انْظُرُوا كَيْفَ قَرَنَ الأَدَبَ مَعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بالأَدَبِ مَعَ اللَّهِ؟ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَكَانَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ اللَّهِ، وعَظِيمِ قَدْرِهِ عِنْدَ اللَّهِ تعالى، وذَلِكَ بِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ، لابالغُلُوِّ والإِفْرَاطِ كَمَا يَفْعَلُ الغُلاَةُ بِحَقِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بالخُرُوجِ عَنِ الحَدِّ المَشْرُوعِ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وقَالَ: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1])، وكَذَلِكَ جَانِبُ التَّفْرِيطِ في حَقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وعَدَمِ احْتِرَامِ الرَّسُولِ، وعَدَمِ احْتِرَامِ سنته، وعَدَمِ الشُّعُورِ بِقَدْرِهِ صلى الله عليه وسلم فَنَحْنُ مَنْهِيُّونَ عَنِ الإِفْرَاطِ وعَنْ التَّفْرِيطِ، ومَأْمُورُونَ بالاعْتِدَالِ والتَّوَسُّطُ في حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ قَالَ تعالى: ﴿قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذٗاۚ [النور: 63]، من عَادَةِ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أو يَحْضُرُونَ الاجْتِمَاعَ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وهُوَ الأَمْرُ الجَامِعُ،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3261).