×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ [الصف: 5]، فَلَمَّا زَاغُوا - يَعْنِي: أَعْرَضُوا عَنِ الحَقِّ - أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم، بِمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ صَرفَهَا عَنْ قَبُولِ الحَقِّ، فلا تَقْبَلُ الحَقَّ بَعْدَ ذَلِكَ.

وهَذِهِ خُطُورَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ بَلَغَتْهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَرَكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا، وعَدَم اهْتِمَامٍ بِهَا، أَنْ يُصِيبَهُ اللَّهُ بِالزَّيْغِ وفَسَادِ القَلْبِ وخَرَابِ الفِطْرَةِ، وهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نتَعَقَّلَهَا، أَيُّ مُسْلِمٍ بَلَغَهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَتَقَبَّلْهُ عَلَى الرَّأْسِ والعَيْنِ، ولْيَعْمَلْ بِهِ حَسَبَ اسْتِطَاعَتِهِ، ولا يَرْغَبْ عَنْهُ أو يَنْصَرِفْ عَنْهُ أو يَزْهَدْ أو يَعْتَبِرْهُ شَيْئًا عَادِيًّا لا يُلْقَى لَهُ بَالٌ، فَإِنَّ الخُطُورَةَ عَظِيمَةٌ، يَقُولُ اللَّهُ تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ ٢٠وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ٢١إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ ٢٢وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ٢٣يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ٢٤وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٢٥ [الأنفال: 20- 25]، هَكَذَا يَأْمُرُ اللَّهُ عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وطَاعَةِ رَسُولِهِ، والاسْتِجَابَةِ لِلَّهِ، والاسْتِجَابَةِ لِرَسُولِهِ، ويَنْهَاهُم عَنِ الإِعْرَاضِ عَنِ الامْتِثَالِ لأَِوَامِرِ اللَّهِ، وأَوَامِرِ رَسُولِهِ، ويُحَذِّرُهُم العُقُوبَةَ، وهِيَ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَهُم وبَيْنَ قُلُوبِهِم إِذَا أَعْرَضُوا ولَم يَمْتَثِلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى يَحُولُ بَيْنَهُم وبَيْنَ قُلُوبِهِم، فلا يَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهَا تَقْسُو وتَتَحَجَّرُ وتَفْسُدُ، فلا تَقْبَلُ الحَقَّ بَعْدَ ذَلِكَ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ تعالى؛ لأَِنَّ هَذَا القَلْبَ هُوَ مَحَلُّ الصَّلاَحِ أو الفَسَادِ في


الشرح