﴿أَيُحِبُّ
أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ﴾ [الحجرات: 12] فالَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ مِثْلُ
الَّذِي يَأْكُلُ لُحُومَ الأَمْوَاتِ، وهل يُطِيقُ أَحَدٌ أَنْ يَأْكُلَ من
لَحْمِ المَيِّتِ؟ فَلَحْمُ المَيِّتِ تَعَافُّهُ النُّفُوسُ، فَكَيْفَ تَعَافُّ
النُّفُوسُ لَحْمَ المَيِّتِ ولا تَعَافُّ الغِيبَةَ، مَعَ أَنَّ الغِيبَةَ مِثْلُ
أَكْلِ لَحْمِ المَيِّتِ؟ فاللَّهُ تعالى نَهَى عَنْ جَمِيعِ أَسْبَابِ العَدَاوَةِ،
وهَذَا من أَجْلِ أَنْ تَبْقَى المَوَدَّةُ والرَّحْمَةُ والشَّفَقَةُ بَيْنَ
المُسْلِمِينَ.
أَجْرٌ عَظِيمٌ في الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ
****
إِنَّ
الإِصْلاَحَ بَيْنَ النَّاسِ أَجْرُهُ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ تعالى، قَالَ
تَعَالَى: ﴿لَّا
خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ
مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۢ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ
مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾
[النساء: 114] فَهَذَا وَعْدُ اللَّه تعالى أَنْ يُؤْتِيَ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ
أَجْرًا عَظِيمًا، ومَا وصَفَهُ اللَّهُ بالعَظَمَةِ فَهُوَ عَظِيمٌ، ولا يُمْكِنُ
أَنْ يُحَدَّدَ؟ لأَِنَّ اللَّهَ تعالى لَم يُحَدِّدْهُ، بَلْ وصَفَهُ
بالعَظَمَةِ، فاللَّهُ يُعْطِي المُصْلِحِينَ أَجْرًا عَظِيمًا، وهَذَا فَضْلٌ
كَبِيرٌ.
إِبَاحَةُ الكَذِبِ من أَجْلِ الإِصْلاَحِ
****
والكَذِبُ مِنَ الكَبَائِرِ وهُوَ مُحَرَّمٌ، وقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [آل عمران: 61]، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَدَّ الكَذِبَ من آيَةِ المُنَافِقِينَ، فَقَالَ في آيَاتِ المُنَافِقِ: «إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» ([1])، فالكَذِبُ من صِفَاتِ المُنَافِقِينَ، وقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (33)، مسلم رقم (59).