لِلمُصْلِحِ بَيْنَ النَّاسِ نَصِيبٌ في
الزَّكَاةِ
****
كَذَلِكَ
مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّرْغِيبِ في الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ اللَّهَ
تعالى جَعَلَ قِسْمًا مِنَ الزَّكَاةِ لِلَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِذَا
حَصَلَ نِزَاعٌ بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وتَدَخَّلَ أَحَدُ
الأُمَرَاءِ أو غَيْرُهُم من أَجْلِ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَ القَبِيلَتَيْنِ،
وتَحَمَّلَ مَالاً أو غَرَامَةً، فلا يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَهُ يَتَحَمَّلُ
هَذِهِ الغَرَامَةَ من مَالِهِ، بَلْ نُعْطِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ، وإِنْ كَانَ
غَنِيًّا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ
وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ
وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾ [التوبة:
60] فَمَنْ تَحَمَّلَ مَالاً لِلإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ يُعْطَى مِنَ
الزَّكَاةِ وإِنْ كَانَ غَنِيًّا؛ لأَِنَّنَا لَوْ تَرَكْنَاهُ لَأَدَّى هَذَا
إِلَى الإِجْحَافِ بِمَالِهِ، ورُبَّمَا أَدَّى هَذَا إِلَى سَدِّ الطَّرِيقِ
إِلَى الإِصْلاَحِ، ولأَِنَّهُ إِذَا عَرَفَ المُصْلِحُ أَنَّ النَّاسَ
سَيُسَاعِدُونَهُ ويَتَحَمَّلُونَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ سَيَقُومُ بالإِصْلاَحِ
بَيْنَ النَّاسِ، وهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ يَرْغَبُ في الإِصْلاَحِ
بَيْنَ النَّاسِ.
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْكُمُ بِصِحَّةِ
الصُّلْحِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ
****
كَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّرْغِيبِ في الإِصْلاَحِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلاَّ صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً» ([1])، فَلَم يَسْتَثْنِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ الصُّلْحَ في أَمْرٍ مُحَرَّمٍ، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3594)، والترمذي رقم (1352)، وابن ماجه رقم (2353)، وأحمد رقم (8784).