×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 إلاَّ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً» ([1]).

فالصُّلْحُ جَائِزٌ إلاَّ إِذَا كَانَ هَذَا الصُّلْحُ يُؤَدِّي إِلَى ارْتِكَابِ حَرَامٍ أو اسْتِحْلاَلِ مُحَرَّمٍ، وإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، أَمَّا إِذَا جَرَى الصُّلْحُ عَلَى الوَجْهِ المَشْرُوعِ فَهُوَ جَائِزٌ، ويُنْفَذُ ولا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ، والصُّلْحُ بَيْنَ المُتَنَازِعِينَ أَفْضَلُ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى المَحَاكِمِ؛ لأَِنَّ حُكْمَ القَاضِي بَيْنَ المُتَنَازِعِينَ لا يَقْضِي عَلَى العَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا، إلاَّ إِذَا كَانَ هُنَاكَ إِيمَانٌ قَوِيٌّ، وإِلاَّ قَدْ تَبْقَى العَدَاوَةُ بَيْنَ المُتَخَاصِمَيْنِ، أَمَّا إِذَا أُصْلِحَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ العَدَاوَةَ تَزُولُ من قُلُوبِهِم.

فالصُّلْحُ مَطْلُوبٌ - يَا عِبَادَ اللَّهِ - بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وخَاصَّةً في هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي نَعِيشُهُ؛ لأَِنَّهُ قَدْ كَثُرَتْ فِيهِ الفِتَنُ، والشِّعَارَاتُ الكَاذِبَةُ، والتَّيَّارَاتُ الهَدَّامَةُ الَّتِي تَغْزُونَا من كُلِّ صَوْبٍ، وأَخْطَرُ هَذِهِ التَّيَّارَاتِ تَيَّارُ المَبَادِئِ الفَاسِدَةِ الَّتِي رُبَّمَا تُسَمَّى بِاسْمِ الإِسْلاَمِ وبِاسْمِ الدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلاَمِ، وهِيَ تُرِيدُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وجَعْلَهُم أَحْزَابًا وجَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفَةً مُتَنَازِعَةً، فَلْنَحَذَرْ من هَذَا، وإِذَا رَأَيْنَا جَمَاعَةً مِنَ المُسْلِمِينَ تَخْتَلِفُ مَعَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَعَلَيْنَا أَنْ نَقُومَ بالإِصْلاَحِ، ونُبَادِرَ - خُصُوصًا - إِذَا كَانَ هَذَا في بِلاَدِنَا، أو بَيْنَ شَبَابِنَا، أو بَيْن طَلَبَةِ العِلْمِ، نَسْعَى إِلَى الإِصْلاَحِ، وإِزَالَةِ أَسْبَابِ الفُرْقَةِ، وأَنْ نُقْنِعَ الجَمِيعَ بِأَنَّهُم إِخْوَةٌ، وأَنْ نُحَذِّرَهُم من قَبُولِ الأَفْكَارِ الوَافِدَةِ الَّتِي تُسَبِّبُ الانْقِسَامَ، فَنَحْنُ - ولِلَّهِ الحَمْدُ - في هَذِهِ البِلاَدِ جَمَاعَةٌ واحِدَةٌ، وعَلَى عَقِيدَةٍ واحِدَةٍ،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3594)، والترمذي رقم (1352)، والدارقطني رقم (2890)، والحاكم رقم (2309).