×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وديْنٍ واحِدٍ، وقِبْلَةٍ واحِدَةٍ، وأُمَّتُنَا واحِدَةٌ، نَأْمُرُ بالمَعْرُوفِ، ونَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، ونَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ اللَّهِ، فالمَحَاكِمُ الشَّرْعِيَّةُ مَفْتُوحَةٌ لِلحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ في كُلِّ المُنَازَعَاتِ، لا في الأَحْوَالِ الشَّخْصِيَّةِ فَقَطْ كَمَا في البِلاَدِ الأُخْرَى.

ونَحْنُ - ولِلَّهِ الحَمْدُ - نُدَرِّسُ العُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ في مَدَارِسِنَا وفي مَسَاجِدِنَا، فَنَحْنُ جَمَاعَةٌ واحِدَةٌ مِنَ الرَّاعِي إِلَى الرَّعِيَّةِ، كُلُّنَا نَعْلَمُ ذَلِكَ، فَلِمَاذَا نَسْمَحُ لِهَذِهِ المَبَادِئِ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْنَا من هُنَا أو من هُنَا؟ ولِمَاذَا نَتَقَبَّلُهَا وقَدْ فَرَّقَتْ شَبَابَنَا، وكَوَّنَتْ أَحْزَابًا وجَمَاعَاتٍ؟ وهَذِهِ بَادِرَةٌ خَطِيرَةٌ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ لَهَا، وأَنْ نُصْلِحَ هَذَا التَّفَرُّقَ الَّذِي حَصَلَ بَيْنَ بَعْضِ الجَمَاعَاتِ أو بَعْضِ الشَّبَابِ، وذَلِكَ بِأَنْ نَقُولَ لَهُم: يَا إِخْوَانَنَا نَحْنُ - والحَمْدُ لِلَّهِ - نَعِيشُ في بِلاَدٍ تَمْتَازُ عَنْ بِلاَدِ العَالَمِ، لَيْسَ عَنْ بِلاَدِ العَرَبِ فَقَطْ، بَلْ عَنْ بِلاَدِ العَالَمِ كُلِّهِ، تَمْتَازُ بالاسْتِقَامَةِ والصَّلاَحِ، وإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ، فَلِمَاذَا - يَا عِبَادَ اللَّهِ - يَحْدُثُ هَذَا بَيْنَنَا؟ ولِمَاذَا نَقْبَلُ كَلاَمَ العَدُوِّ فِينَا ونُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ؟

فَيَجِبُ عَلَيْنَا ألاَّ نَقْبَلَ كُلَّ مَا جَاءَنَا، أو كُلَّ مَا سَمِعْنَا، أو كُلَّ مَنْ قَالَ: أَنَا عَالِمٌ أَنَا دَاعِيَةٌ، لا نَقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى نَعْرِفَ حَقِيقَتَهُ، ونَتَأَمَّلَ مَنْهَجَهُ، ونَدْرُسَ حَالَهُ، ونُسيرَ أُمُورَهُ، فالأُمُورُ الوَافِدَةُ عَلَى بِلاَدِنَا يَجِبُ أَنْ نَتَأَمَّلَ فِيهَا ونَتَرَيَّثَ، ونَدْرُسَهَا ونَعْرِضَهَا عَلَى عُلَمَائِنَا حَتَّى نَعْلَمَ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ، ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ [البقرة: 220] فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَهْتَمَّ بِهَذِهِ الأُمُورِ؛ لَأَنَّنَا إِذَا تَغَافَلْنَا عَنْهَا سَرَتْ فِينَا، وحَطَّمَتْ قُوَّتَنَا، وشَتَّتْ شَمْلَنَا، وفَرَّقَتْ جَمَعنَا.فَعَلَيْنَا أَنْ نُبَادِرَ بالعَوْدَةِ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الاجْتِمَاعِ والمَحَبَّةِ، وإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَاوَنَ مَعَنَا


الشرح