إِصْلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ يَعْنِي: إِزَالَةَ
الفُرْقَةِ والاخْتِلاَفِ
****
وذَلِكَ بِالنَّظَرِ في سَبَبِ الخِلاَفِ، ثُمَّ مُحَاوَلَةِ إِزَالَتِهِ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ، وهَذَا هُوَ الإِصْلاَحُ، والإِصْلاَحُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ اثْنَيْنِ فَقَطْ، فَإِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ أو حَصَلَ بَيْنَهُمَا اخْتِلاَفٌ في أَمْرٍ مَا فَوَظِيفَةُ المُسْلِمِينَ أَن يسعوا بَيْنَهُمَا بالإِصْلاَحِ، يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ»، وذَكَرَ أَنَّ من هَذِهِ الصَّدَقَاتِ «أو تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ» ([1])، فَإِذَا وجَدْت اثْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْن وعَدَلْتَ بَيْنَهُمَا وأَصْلَحْتَ النِّزَاعَ فَهَذِهِ صَدَقَةٌ منْكِ عَلَى نَفْسِكَ، وقَدْ يَكُونُ النِّزَاعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ والإِصْلاَحُ بَيْنَهُمَا مَطْلُوبٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضٗا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يُصۡلِحَا بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ﴾ [النساء: 128] فَإِذَا حَصَلَ النِّزَاعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَثَّ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يُصْلِحَا مَا بَيْنَهُمَا بِأَنْفُسِهِمَا، فَيَتَنَازَلُ الزَّوْجُ مَثَلاً عَنْ شَيْءٍ من حَقِّهِ، أوتَتَنَازَلُ الزَّوْجَةُ عَنْ شَيْءٍ من حَقِّهَا، فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الوِفَاقُ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا لَم يَسْتَطِعِ الزَّوْجَانِ لِتَسْوِيَةِ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ القَاضِيَ يَبْعَثُ حَكَمَيْنِ بَيْنَهُمَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ﴾ [النساء: 35] فَيُرْسَلُ الحَكَمَانِ من قِبَلِ القَاضِي لِيَبْحَثَا أَسْبَابَ الخِلاَفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ويُصْلِحَا بَيْنَهُمَا بِمَا فِيهِ المَصْلَحَةُ ﴿صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ﴾ [النساء: 128] فلا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ بُيُوتَ المُسْلِمِينَ تَعِيشُ عَلَى النِّزَاعِ وعَلَى
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2560)، ومسلم رقم (1009).