×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

العُلُومِ الدُّنْيَوِيَّةِ بَعْدَ أَخْذِهِ القِسْطَ الضَّرُورِيَّ مِنَ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَهَذَا شَيْءٌ لا بُدَّ مِنْهُ لِلأُمَّةِ؛ لأَِنَّ المَوَاهِبَ تَخْتَلِفُ.

واللَّهُ تعالى بِحِكْمَتِهِ جَعَلَ المَوَاهِبَ مُتَفَاوِتَةً من أَجْلِ أَنْ تَتَكَامَلَ مَصَالِحُ الأُمَّةِ، فَيَكُونُ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بالعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وهُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بالعِلْمِ العَسْكَرِيِّ، وكَذَا الزِّرَاعِيِّ والصِّنَاعَاتِ الَّتِي تَحْتَاجُهَا الأُمَّةُ؛ حَتَّى تَتَكَامَلَ مَصَالِحُهَا، ولا يَقُومُ بِهَذِهِ الأُمُورِ إلاَّ شَبَابُ الأُمَّةِ، فَعَلَيْهِم أَنْ يَعْتَنُوا بالعِلْمِ النَّافِعِ، وفي المُقَدِّمَةِ العُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ ثُمَّ العُلُومُ الدُّنْيَوِيَّةُ الَّتِي تَحْتَاجُهَا أُمَّتُهُم؛ لأَِنَّهُم لا يَسْتَطِيعُونَ القِيَامَ بِمَسْئُولِيَّتِهِم في المُسْتَقْبَلِ إلاَّ إِذَا تَسَلَّحُوا بالعِلْمِ، فلا يَجُوزُ لَهُم أَنْ يُفَرِّطُوا فِيهِ، وأَنْ يَبْقَوْا في جَهْلِهِم وسَذَاجَتِهِم؛ لأَِنَّهُم مُهَيَّؤُونَ لِتَحَمُّلِ أَمْرٍ عَظِيمٍ.

قَدْ هَيَّئُوكَ لأَِمْرٍ لَوْ فَطِنْتَ لَهُ **** فَارْبَأْ بِنَفسِكَ أَنْ تَرْعَى مَعَ الهمَلِ

ثَانِيًا: يَجِبُ عَلَى الشَّبَابِ المُسْلِمِ أَنْ يَرْتَبِطُوا بِعُلَمَائِهِم، وأَنْ يَرْتَبِطُوا بِكِبَارِهِم وأَصْحَابِ العُقُولِ النَّاضِجَةِ من آبَائِهِم ومُوَاطِنِيهِم، وأَنْ يَتَعَلَّمُوا من أَصْحَابِ التَّفْكِيرِ السَّلِيمِ والرَّأْيِ السَّدِيدِ، ويَتَلَقَّوْا مِنْهُم التَّجَارِبَ النَّافِعَةَ، والحِكَمَ السَّدِيدَةَ، ولا يَنْفَصِلُ الشَّبَابُ عَنِ الكِبَارِ أَبَدًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا حَصَلَ الانْفِصَالُ حَصَلَتِ الفَجْوَةُ بَيْنَ أَفْرَادِ الأُمَّةِ، وحِينئِذٍ يَحْصُلُ الخَلَلُ والضَّعْفُ، وتَسْنَحُ الفُرْصَةُ لأَِعْدَاءِ المُسْلِمِينَ أَنْ يَتَلاَعَبُوا بِهِم، فَعَلَى الشَّبَابِ أَنْ يَرْتَبِطُوا بِأَهْلِ العِلْمِ؛ لِيَأْخُذُوا عَنْهُم العِلْمَ النَّافِعَ والتَّوْجِيهَاتِ السَّدِيدَةَ.

أَمَّا إِذَا انْفَصَلَ الشَّبَابُ عَنِ العُلَمَاءِ وأَصْحَابِ العُقُولِ النَّيِّرَةِ السَّلِيمَةِ؛ فَإِنَّ الأَمْرَ يَصِيرُ خَطِيرًا؛ لأَِنَّهُم سَوْفَ يَنْفَتِحُونَ عَلَى الخَارِجِ، ويَتَلَقَّوْنَ التَّيَّارَاتِ المُنْحَرِفَةَ من خِلاَلِ الجَرَائِدِ أو المَجَلاَّتِ، أو الوَسَائِلِ الوَافِدَةِ 


الشرح