مِنَ الخَارِجِ، من هُنَا يَجِبُ عَلَى
الشَّبَابِ أَنْ يُدْرِكُوا هَذَا؛ لأَِنَّهُم إِذَا فَرَّطُوا في تَلَقِّي
العِلْم من عُلَمَائِهِم ومُفَكِّرِيهِم وصُلَحَائِهِم، وانْصَرَفُوا إِلَى
تَلَقِّي التَّوْجِيهَاتِ من خَارِجِ بِلاَدِهِم، ومِنْ أَعْدَائِهِم، ومِنْ
أَصْحَابِ الأَفْكَارِ المُنْحَرِفَةِ والمَبَادِئِ الضَّالَّةِ، ومَنْ مَجْهُولِي
الهوِيَّةِ في العِلْمِ والعَقِيدَةِ، فَإِنَّ الأَمْرَ خَطِيرٌ؛ لأَِنَّ البِلاَدَ
سَتَتَغَيَّرُ وتَتَحَوَّلُ.
ونَحْنُ
في هَذِهِ البِلاَدِ - ولِلَّهِ الحَمْدُ - عَلَى اجْتِمَاعٍ في الكَلِمَةِ،
وصَلاَحٍ في الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، فَمَنْهَجُنَا سَلِيمٌ، وعَقِيدَتُنَا
صَحِيحَةٌ - ولِلَّهِ الحَمْدُ -، نَسِيرُ عَلَى المَنْهَجِ الرَّشِيدِ، أَنَا لا
أَقُولُ: إِنَّنَا قَدْ كَمُلْنَا من كُلِّ وجْهٍ، ولَيْسَ عِنْدَنَا نَقْصٌ، بَلْ
عِنْدَنَا نَقْصٌ، ولَكِنْ إِذَا قَارَنَّاهُ بِمَا عَلَيْهِ البِلاَدُ الأُخْرَى
يَتَبَيَّنُ الفَرْقُ العَظِيمُ، فَنَقْصُنَا يُمْكِنُ إِصْلاَحَهُ بِإِذْنِ
اللَّهِ إِذَا تَوَافَرَتِ الجُهُودُ المُخْلِصَةُ، وبُذِلَتِ النَّصِيحَةُ،
وحَصَلَ التَّعَاوُنُ، فَأَنَا أُوَجِّهُ النَّصِيحَةَ إِلَى شَبَاب ِهَذِهِ
الأُمَّةِ وشَبَابِ بِلاَدِنَا خَاصَّةً أَنْ يَعْتَنُوا بِهَذَا الأَمْرِ، وأَنْ
يَعْرِفُوا أَنَّهُم مَقْصُودُونَ منَ العَدُوِّ، سَوَاء الأَعْدَاء الَّذِينَ
يُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُم كُفَّارٌ، أو الأَعْدَاءُ الَّذِينَ يَتَّسِمُونَ
الإِسْلاَم، ويَغْزُونَنَا بِاسْمِ الإِسْلاَمِ، ويَدُسُّونَ بَيْنَنَا
الأَفْكَارَ الغَرْبِيَّةَ البَعِيدَةَ عَنْ عَقِيدَتِنَا ومَنْهَجِنَا.
فَعَلَى شَبَابِ الإِسْلاَمِ أَنْ يُدْرِكُوا هَذِهِ الخُطُورَةَ، وأَنَّ لا يَفْتَحُوا البَابَ أَمَامَ الأَفْكَارِ الوَافِدَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ تُسَمَّى بِاسْمِ الإِسْلاَمِ، بِاسْمِ الدَّعْوَةِ، فَيَجِبُ ألاَّ يَقْبَلُوا شَيْئًا إلاَّ بَعْدَ تَمْحِيصِهِ، وعَرْضِهِ عَلَى العُلَمَاءِ، وعَلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ السَّدِيدِ، حَتَّى يَأْخُذُوا مَا يُصْلِحُهُم، ويَرْفُضُوا مَا لا يُصْلِحُ، أَمَّا إِذَا قَبِلْنَا هَذِهِ الأَفْكَارَ، واعْتَبَرْنَاهَا هِيَ الرُّقِيّ واليَقَظَة أو الصَّحْوَة كَمَا يُسَمُّونَهَا فَهَذَا غَلَطٌ كَبِيرٌ، نَحْنُ نَقْبَلُ الحَقَّ، ولَكِنْ لا يَعْرِفُ الحَقَّ إلاَّ العُلَمَاءُ من أَهْل البَصِيرَةِ والعِلْمِ والتَّجَارِبِ