×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

فَنَحْنُ في نِعْمَةٍ يَجِبُ أَنْ نَشْكُرَهَا، وإِذَا كَانَ من نَقْصٍ فَطَرِيقُ الإِصْلاَحِ - ولِلَّهِ الحَمْدُ - مَفْتُوحٌ بِالتَّعَاوُنِ والتَّشَاوُرِ والتَّنَاصُحِ، وهَذَا سَبِيلُ المُؤْمِنِينَ.

ثَالِثًا: أُوصِي شَبَابَنَا - أَصْلَحَهُم اللَّهِ - بِعَدَمِ التَّشَدُّدِ في الأُمُورِ، لأَِنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ يَتَشَدَّدُونَ في بَعْضِ الأُمُورِ، والتَّشَدُّدُ أَخْطَرُ مِنَ التَّسَاهُلِ، واللَّهُ تعالى حَذَّرَ مِنَ الغُلُوِّ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ [المائدة: 77].

والغُلُوُّ هُوَ الزِّيَادَةُ في الدِّينِ والتَّنَطُّعُ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([1])، ويَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» ([2]) قَالَهَا ثَلاَثًا عليه الصلاة والسلام، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلاَّ غَلَبَهُ» ([3])، ولِذَلِكَ لا يُمْكِنُ لأَِحَدٍ أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ الدِّينِ؛ لأَِنَّهُ كَثِيرٌ وطَاقَةُ الإِنْسَانِ مَحْدُودَةٌ، ولَكِنْ عَلَيْهِ عَمَلُ مَا يَسْتَطِيعُ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ» ([4])، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تُحْصِيَ الدِّينَ كُلَّهُ، لَكِنْ عَلَيْكَ بالاسْتِقَامَةِ والتَّسْدِيدِ والمُقَارَبَةِ، أَيْ: إِذَا لَم تَسْتَطِعِ التَّسْدِيدَ فَعَلَيْكَ بالمُقَارَبَةِ مِنَ التَّسْدِيدِ والإِصَابَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي رقم (3057)، وابن ماجه رقم (3029)، وأحمد رقم (1851)، وأبو يعلى رقم (2427).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2670).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (39).

([4])  أخرجه: ابن ماجه رقم (277)، ومالك رقم (36)، والدارمي رقم (655)، وأحمد رقم (22378).