فَنَحْنُ في نِعْمَةٍ يَجِبُ أَنْ نَشْكُرَهَا،
وإِذَا كَانَ من نَقْصٍ فَطَرِيقُ الإِصْلاَحِ - ولِلَّهِ الحَمْدُ - مَفْتُوحٌ
بِالتَّعَاوُنِ والتَّشَاوُرِ والتَّنَاصُحِ، وهَذَا سَبِيلُ المُؤْمِنِينَ.
ثَالِثًا:
أُوصِي شَبَابَنَا - أَصْلَحَهُم اللَّهِ - بِعَدَمِ التَّشَدُّدِ في الأُمُورِ،
لأَِنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ يَتَشَدَّدُونَ في بَعْضِ الأُمُورِ، والتَّشَدُّدُ
أَخْطَرُ مِنَ التَّسَاهُلِ، واللَّهُ تعالى حَذَّرَ مِنَ الغُلُوِّ، قَالَ
تَعَالَى: ﴿لَا
تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ
قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [المائدة: 77].
والغُلُوُّ هُوَ الزِّيَادَةُ في الدِّينِ والتَّنَطُّعُ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([1])، ويَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» ([2]) قَالَهَا ثَلاَثًا عليه الصلاة والسلام، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلاَّ غَلَبَهُ» ([3])، ولِذَلِكَ لا يُمْكِنُ لأَِحَدٍ أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ الدِّينِ؛ لأَِنَّهُ كَثِيرٌ وطَاقَةُ الإِنْسَانِ مَحْدُودَةٌ، ولَكِنْ عَلَيْهِ عَمَلُ مَا يَسْتَطِيعُ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ» ([4])، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تُحْصِيَ الدِّينَ كُلَّهُ، لَكِنْ عَلَيْكَ بالاسْتِقَامَةِ والتَّسْدِيدِ والمُقَارَبَةِ، أَيْ: إِذَا لَم تَسْتَطِعِ التَّسْدِيدَ فَعَلَيْكَ بالمُقَارَبَةِ مِنَ التَّسْدِيدِ والإِصَابَةِ.
([1]) أخرجه: النسائي رقم (3057)، وابن ماجه رقم (3029)، وأحمد رقم (1851)، وأبو يعلى رقم (2427).