×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

فالغُلُوُّ طَرِيقَةٌ خَاطِئَةٌ، كَمَا أَنَّ التَّسَاهُلَ كَذَلِكَ، وطَرِيقُ النَّجَاةِ هُوَ الاعْتِدَالُ بَيْنَ التَّسَاهُلِ وبَيْنَ الغُلُوِّ، فَإِنَّ الغُلُوَّ طَرَفٌ، والتَّسَاهُلَ طَرَفٌ، أَمَّا الاعْتِدَالُ بَيْنَ التَّسَاهُلِ وبَيْنَ الغُلُوِّ فَهُوَ الوَسَطُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا [البقرة: 143]، أَيْ: خِيَارًا عُدُولاً، ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ [البقرة: 143]، فالوَسَطُ هُوَ خَيْرُ الأُمُورِ بَيْنَ التَّسَاهُلِ والغُلُوِّ، ودِينُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الغَالِي والجَافِي، بَيْنَ الغَالِي الَّذِي يَتَشَدَّدُ، وبَيَّنَ الجَافِي الَّذِي يُعْرِضُ ويَبْتَعِدُ عَنِ الخَيْرِ، فَخَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَطُهَا، فَعَلَى شَبَابِنَا أَنْ يَعْتَدِلُوا.

رَابِعًا: عَلَى شَبَابِنَا - وفَّقَهُم اللَّهُ - أَنَّهُم كَمَا يَعْتَدِلُونَ في السُّلُوكِ والعَمَلِ أَيْضًا يَعْتَدِلُونَ في القَوْلِ حِينَمَا يَتَكَلَّمُونَ في شَيْءٍ أو في مَذْهَبٍ، فَعَلَيْهِم بالاعْتِدَالِ من غَيْرٍ تَجَازُفٍ أو تَسَاهُلٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ [الأنعام: 152].

فَعَلَيْهِم بالاعْتِدَالِ في القَوْلِ والعَمَلِ؛ لأَِنَّ هَذَا طَرِيقُ النَّجَاةِ، فلا تَحْمِلُهُم العَاطِفَةُ أو الحَمَاسُ عَلَى تَجْرِيحِ النَّاسِ والكَلاَمِ فِيهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ [النور: 15].

فَيَجِبُ حِفْظُ اللِّسَانِ ووَزْنُ الكَلاَمِ، وكَذَلِكَ عَلَيْهِم الاعْتِدَال في العِبَادَةِ من غَيْرِ غُلُوٍّ فِيهَا ولا تَسَاهُلٍ، هَذَا هُوَ الطَّرِيقُ الصَّحِيحُ، أَمَّا الغُلُوُّ والزِّيَادَةُ فَهُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَالْمُنْبَتِّ لاَ أَرْضًا قَطَعَ، وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى»، أَمَّا المُعْتَدِلُ فَهُوَ الَّذِي يَسِيرُ عَلَى الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تعالى يَقُولُ: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ [التغابن: 16].


الشرح