لِيَسْمَعُوا ويَرَوْا ويَسْتَفِيدُوا،
لَنَشَئُوا عَلَى الخَيْرِ، فَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ
لِسَبْعٍ»، الغَرَضُ مِنْهُ التَّرْبِيَةُ والتَّمْرِينُ، ورَبطُ الشَّبَابِ
بالمُجْتَمَعِ والمَسَاجِدِ، «وَاضْرِبُوهُمْ
عَلَيْهَا لِعَشْرٍ» أَيْ: إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ عَشَرَ سَنَوَاتٍ
فَإِنَّهُ يُضْرَبُ إِذَا تَرَكَ الصَّلاَةَ أو بَعْضَهَا؛ لأَِنَّ الضَّرْبَ
فِيهِ فَائِدَةٌ لَهُ من حَيْثُ التَّعْزِيرِ، وإِذَاقَتِهِ لِلأَلَمِ،
وعُقُوبَتِهِ عَلَى المَعْصِيَةِ حَتَّى يَكْرَهَهَا.
فَكَمَا
أَنَّ الصَّبِيَّ يُعْطَى جَائِزَةً عَلَى الأَعْمَالِ الطَّيِّبَةِ تَشْجِيعًا
وتَرْغِيبًا لَهُ في الأَعْمَالِ الطَّيِّبَةِ، فَكَذَلِكَ يُضْرَبُ عَلَى
المَعْصِيَةِ والمُخَالِفَةِ من أَجْلِ أَنْ يَكْرَهَ المَعْصِيَةَ؛ لأَِنَّهُ
إِذَا ذَاقَ العُقُوبَةَ فَإِنَّهُ يَبْغَضُ المَعْصِيَةَ، فالضَّرْبُ من وسَائِلِ
التَّرْبِيَةِ، وهَذَا عَكْسُ مَا يَقُولُهُ الغَرْبُ وأَذْنَابُهُم من
أَدْعِيَاءِ التَّرْبِيَةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الضَّرْبَ بالعَصَا، فالضَّرْبُ
أَرْشَدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأَرْشَدَ إِلَيْهِ القُرْآنُ في
حَقِّ النِّسَاءِ النَّاشِزَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ
فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ﴾
[النساء: 34].
فالمَرْحَلَةُ
الأَخِيرَةُ هِيَ الضَّرْبُ؛ لأَِنَّ الضَّرْبَ لَهُ فَائِدَة، فالسَّوْطُ الَّذِي
تَضْرِبُ بِهِ ولَدَكَ تَأْدِيبًا لَهُ خَيْرٌ من أَنْ تُعْطِيَهُ الأَمْوَالَ
والجَوَائِزَ؛ لأَِنَّ الجَوَائِزَ تُغْرِيهِ وقَدْ تُفْسِدُهُ، أَمَّا الضَّرْبُ
فَإِنَّهُ يُؤَدِّبُهُ ويُقَوِّمُهُ، فالضَّرْبُ وسِيلَةٌ من وسَائِل
التَّرْبِيَةِ إِذَا كَانَ في حُدُودِ المَأْذُونِ بِهِ من غَيْرِ إِسْرَافٍ أو
مُجَاوَزَةٍ لِلحَدِّ.
أَمَّا الَّذِينَ تَخَرَّجُوا في المَدَارِسِ الغَرْبِيَّةِ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: إِنَّ الضَّرْبَ وسِيلَةٌ وحْشِيَّةٌ فَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ الضَّرْبَ لَهُ فَائِدَةٌ في الإِسْلاَمِ، فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ»؛ لأَِنَّ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلَغَ الحُلمَ يَكُونُ قَدْ تَرَكَ واجِبًا، ومَنْ تَرَكَ واجِبًا اسْتَحَقَّ العُقُوبَةَ،